لا يوافق الحكم الواقعي لم يعذر في ذلك ؛ لتقصيره في مقدّمات التحصيل. إلاّ أنّ الشأن في ثبوت كثرة الخطأ أزيد ممّا يقع في فهم المطالب من الأدلّة الشرعيّة.
وقد عثرت ـ بعد ما ذكرت هذا ـ على كلام يحكى عن المحدّث الأسترابادي في فوائده المدنيّة ، قال ـ في عداد ما استدلّ به على انحصار الدليل في غير الضروريّات الدينيّة في السماع عن الصادقين عليهمالسلام ـ (١) :
كلام المحدّث الأسترابادي في المسألة
الدليل التاسع مبنيّ على مقدّمة دقيقة شريفة تفطّنت لها بتوفيق الله تعالى ، وهي :
أنّ العلوم النظرية قسمان :
قسم ينتهي إلى مادّة هي قريبة من الإحساس ، ومن هذا القسم علم الهندسة والحساب وأكثر أبواب المنطق ، وهذا القسم لا يقع فيه الخلاف بين العلماء والخطأ في نتائج الأفكار ؛ والسبب في ذلك أنّ الخطأ في الفكر إمّا من جهة الصورة أو من جهة المادّة ، والخطأ من جهة الصورة لا يقع من العلماء ؛ لأنّ معرفة الصورة من الامور الواضحة عند الأذهان المستقيمة ، والخطأ من جهة المادّة لا يتصوّر في هذه العلوم ؛ لقرب الموادّ فيها إلى الإحساس.
وقسم ينتهي إلى مادّة هي بعيدة عن الإحساس ، ومن هذا القسم الحكمة الإلهيّة والطبيعية وعلم الكلام وعلم اصول الفقه والمسائل النظرية الفقهيّة وبعض القواعد المذكورة في كتب المنطق ؛ ومن ثمّ وقع الاختلافات والمشاجرات بين الفلاسفة في الحكمة الإلهيّة والطبيعيّة ، وبين
__________________
(١) في (ر) ، (ص) ، (ل) و (م) زيادة : «قال».