وليس في هذا مخالفة لظاهر لفظ «الإجماع» حتّى يحتاج إلى القرينة ، ولا تدليس ؛ لأنّ دعوى الإجماع ليست (١) لأجل اعتماد الغير عليه وجعله دليلا يستريح إليه في المسألة.
نعم ، قد يوجب التدليس من جهة نسبة الفتوى إلى العلماء ، الظاهرة في وجدانها في كلماتهم ، لكنّه يندفع بأدنى تتبّع في الفقه ، ليظهر أنّ مبنى ذلك على استنباط المذهب ، لا على وجدانه مأثورا.
والحاصل : أنّ المتتبّع في الاجماعات المنقولة يحصل له القطع من تراكم أمارات كثيرة ، باستناد دعوى الناقلين للاجماع ـ خصوصا إذا أرادوا به اتّفاق علماء جميع الأعصار كما هو الغالب في إجماعات المتأخّرين ـ إلى الحدس الحاصل من حسن الظنّ بجماعة ممّن تقدّم على الناقل ، أو من الانتقال من الملزوم إلى لازمه (٢) ، مع ثبوت الملازمة باجتهاد الناقل واعتقاده.
وعلى هذا ينزّل الإجماعات المتخالفة من العلماء مع اتّحاد العصر أو تقارب العصرين ، وعدم المبالاة كثيرا بإجماع الغير والخروج عنه للدليل ، وكذا دعوى الإجماع مع وجود المخالف ؛ فإنّ ما ذكرنا في مبنى الإجماع من أصحّ المحامل لهذه الامور المنافية لبناء دعوى الإجماع على تتبّع الفتاوى في خصوص المسألة.
وذكر المحقّق السبزواري في الذخيرة ، بعد بيان تعسّر العلم بالاجماع :
__________________
(١) في غير (ت) : «ليس».
(٢) في (ه) : «اللازم».