قلت : إذا ثبت بالآية عدم جواز الاعتناء باحتمال تعمّد كذبه ، ينفى احتمال خطائه وغفلته واشتباهه بأصالة عدم الخطأ في الحسّ ؛ وهذا أصل عليه إطباق العقلاء والعلماء في جميع الموارد.
نعم ، لو كان المخبر ممّن يكثر عليه الخطأ والاشتباه لم يعبأ بخبره ؛ لعدم جريان أصالة عدم الخطأ والاشتباه ؛ ولذا يعتبرون في الراوي والشاهد (١) الضبط ، وإن كان ربما يتوهّم الجاهل ثبوت ذلك من الإجماع ، إلاّ أنّ المنصف يشهد : أنّ (٢) اعتبار هذا في جميع موارده ليس لدليل خارجيّ مخصّص لعموم آية النبأ ونحوها ممّا دلّ على وجوب قبول قول العادل ، بل لما ذكرنا : من أنّ المراد بوجوب قبول قول العادل رفع التهمة عنه من جهة احتمال تعمّده الكذب ، لا تصويبه وعدم تخطئته أو غفلته (٣).
ويؤيّد ما ذكرنا : أنّه لم يستدلّ أحد من العلماء على حجّية فتوى الفقيه على العامّي بآية النبأ ، مع استدلالهم عليها بآيتي النفر والسؤال (٤).
والظاهر : أنّ ما ذكرنا ـ من عدم دلالة الآية وأمثالها من أدلّة قبول قول العادل على وجوب تصويبه في الاعتقاد ـ هو الوجه فيما
__________________
(١) في (ر) ، (ص) و (ه) : «الشاهد والراوي».
(٢) كذا في (ظ) ، (ل) و (م) ، وفي غيرها : «بأنّ».
(٣) لم ترد «أو غفلته» في (م).
(٤) منهم المحقّق في المعارج : ١٩٨ ، وصاحب الفصول في الفصول : ٤١١ ، والمحقّق القمّي في القوانين ١ : ٣٢٥ ، والسيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٥٩٤.