بل يمكن أن يقال : إنّ خبر الثقلين ليس له ظهور (١) إلاّ في وجوب إطاعتهما وحرمة مخالفتهما ، وليس في مقام اعتبار الظنّ الحاصل بهما في تشخيص الإطاعة والمعصية ، فافهم.
احتمال التفصيل المتقدّم في كلام صاحب المعالم
ثمّ إنّ لصاحب المعالم رحمهالله في هذا المقام كلاما يحتمل التفصيل المتقدّم (٢) ، لا بأس بالإشارة إليه ، قال ـ في الدليل الرابع من أدلّة حجّية خبر الواحد ، بعد ذكر انسداد باب العلم في غير الضروريّ من الأحكام ؛ لفقد الإجماع والسنّة المتواترة ، ووضوح كون أصل البراءة لا يفيد غير الظنّ ، وكون الكتاب ظنّي الدلالة ـ ما لفظه :
لا يقال : إنّ الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب مقطوع لا مظنون ؛ وذلك بضميمة مقدّمة خارجيّة ، وهي قبح خطاب الحكيم بما له ظاهر وهو يريد خلافه من غير دلالة تصرف عن ذلك الظاهر.
سلّمنا ، ولكن ذلك ظنّ مخصوص ، فهو من قبيل الشهادة لا يعدل عنه إلى غيره إلاّ بدليل.
لأنّا نقول : أحكام الكتاب ـ كلّها ـ من قبيل خطاب المشافهة ، وقد مرّ أنّه مخصوص بالموجودين في زمن الخطاب ، وأنّ ثبوت حكمه في حقّ من تأخّر إنّما هو بالإجماع وقضاء الضرورة باشتراك التكليف بين الكلّ ، وحينئذ : فمن الجائز أن يكون قد اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلّهم على إرادة خلافها ؛ وقد وقع ذلك في مواضع علمناها بالإجماع
__________________
(١) وردت العبارة في (ص) ، (ل) ونسخة بدل (ه) هكذا : «وأمّا خبر الثقلين فيمكن منع ظهوره».
(٢) المتقدّم في الصفحة ١٦٠.