وقد اشير في الكتاب والسنّة إلى الجهتين :
الإشارة إلى هاتين الجهتين في الكتاب والسنّة
فممّا اشير فيه إلى الاولى قوله تعالى : ﴿قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ﴾(١) بالتقريب المتقدّم ، وقوله عليهالسلام : «رجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم» (٢).
وممّا اشير فيه إلى الثانية قوله تعالى : ﴿إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾(٣) ، وقوله عليهالسلام : «من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده أكثر ممّا يصلحه» (٤) ، ونفس أدلّة الاصول.
ثمّ إنّ ما ذكرنا من الحرمة من جهتين مبنيّ على ما هو التحقيق : من أنّ اعتبار الاصول ـ لفظيّة كانت أو عمليّة ـ غير مقيّد بصورة عدم الظنّ على خلافها ، وأمّا إذا قلنا باشتراط عدم كون الظنّ على خلافها ، فلقائل أن يمنع أصالة حرمة العمل بالظنّ مطلقا ، لا على وجه الالتزام ولا على غيره.
أمّا مع عدم تيسّر العلم في المسألة ؛ فلدوران الأمر فيها بين العمل بالظنّ وبين الرجوع إلى الأصل الموجود في تلك المسألة على خلاف الظنّ ، وكما لا دليل على التعبّد بالظنّ كذلك لا دليل على التعبّد بذلك الأصل ؛ لأنّه المفروض ، فغاية الأمر التخيير بينهما ، أو تقديم الظنّ ؛ لكونه أقرب إلى الواقع ، فيتعيّن بحكم العقل.
__________________
(١) يونس : ٥٩.
(٢) الوسائل ١٨ : ١١ ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.
(٣) يونس : ٣٦.
(٤) المستدرك ١٧ : ٢٤٨ ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٤.