وكأنّ الوجه ما تقدّم : من أنّ الاصول في الموضوعات تخرج مجاريها عن موضوعات أدلّة التكليف ، بخلاف الاصول في الشبهات الحكميّة ؛ فإنّها منافية لنفس الحكم الواقعي المعلوم إجمالا.
وقد عرفت ضعف ذلك ، وأنّ مرجع الإخراج الموضوعي إلى رفع الحكم المترتّب (١) على ذلك ، فيكون الأصل في الموضوع في الحقيقة منافيا لنفس الدليل الواقعي ، إلاّ أنّه حاكم عليه لا معارض له ، فافهم.
الرابع : الفرق بين كون الحكم المشتبه في موضوعين واحدا بالنوع ـ كوجوب أحد الشيئين ـ وبين اختلافه ، كوجوب الشيء وحرمة آخر.
والوجه في ذلك : أنّ الخطابات في الواجبات الشرعيّة بأسرها في حكم خطاب واحد بفعل الكلّ ، فترك البعض معصية عرفا ، كما لو قال المولى : افعل كذا وكذا وكذا ، فإنّه بمنزلة افعلها جميعا ، فلا فرق في العصيان بين ترك واحد منها معيّنا أو واحد غير معيّن عنده.
نعم ، في وجوب الموافقة القطعيّة بالإتيان بكلّ واحد من المحتملين كلام آخر مبنيّ على : أنّ مجرّد العلم بالحكم الواقعي يقتضي البراءة اليقينية (٢) عنه ، أو يكتفى بأحدهما ؛ حذرا عن المخالفة القطعيّة التي هي بنفسها مذمومة عند العقلاء ويعدّ (٣) معصية عندهم وإن لم يلتزموا الامتثال اليقيني لخطاب مجمل.
__________________
(١) في (م) و (ه) : «المرتّب».
(٢) في (ظ) و (م) : «اليقينيّة العلميّة».
(٣) كذا في النسخ.