المعاني الاسمية معانٍ استقلالية ، وكلّ ما يدلّ على معنىً ربطيٍّ نسبيٍّ نعبِّر عنه اصوليّاً بالحرف ، وكلّ ما يدلّ على معنىً استقلاليٍّ نعبِّر عنه اصولياً بالاسم.
وأمّا الفعل فهو مكوَّن من مادةٍ وهيئةٍ ، ونريد بالمادة : الأصل الذي اشتقّ الفعل منه ، ونريد بالهيئة : الصيغة الخاصّة التي صيغت به المادة.
أمّا المادة في الفعل فهي لا تختلف عن أيِّ اسمٍ من الأسماء ، فكلمة «تشتعل» مادتها الاشتعال ، وهذا له مدلول اسمي ، ولكنّ الفعل لا يساوي مدلول مادته ، بل يزيد عليها ، بدليل عدم جواز وضع كلمة «اشتعال» موضع كلمة «تشتعل» ، وهذا يكشف عن أنّ الفعل يزيد بمدلوله على مدلول المادة ، وهذه الزيادة تنشأ من الهيئة ، وبذلك نعرف أنّ هيئة الفعل موضوعة لمعنى ، وهذا المعنى ليس معنىً اسمياً استقلالياً ، بدليل أنّه لو كان كذلك لأمكن التعويض عن الفعل بالاسم الدالّ على ذلك المعنى والاسم الدالّ على مدلول مادته ، مع أنّا نلاحظ أنّ الفعل لا يمكن التعويض عنه في سياق الكلام بمجموع اسمين ، وبذلك يثبت أنّ مدلول الهيئة معنىً نسبيّ ربطي ، ولهذا استحال التعويض المذكور. وهذا الربط الذي تدلّ عليه هيئة الفعل ربط قائم بين مدلول المادة ومدلولٍ آخر في الكلام ، كالفاعل في قولنا : «تشتعل النار» فإنّ هيئة الفعل مفادها الربط بين الاشتعال والنار.
ونستخلص من ذلك : أنّ الفعل مركّب من اسمٍ وحرفٍ ، فمادته اسم ، وهيئته حرف ، ومن هنا صحّ القول بأنّ اللغة تنقسم إلى قسمين : الأسماء والحروف.
هيئة الجملة :
عرفنا أنّ الفعل له هيئة تدلّ على معنىً حرفي ـ أي على الربط ـ وكذلك الحال في الجملة أيضاً ، ونريد بالجملة : كلّ كلمتين أو أكثر بينهما ترابط ، ففي قولنا : «عليّ إمام» نفهم من كلمة «عليّ» معناها الاسمي ، ومن كلمة «الإمام» معناها الاسمي ،