لكن لا يخفى الفرق الواضح بين العصير إذا غلى وبينه إذا صار خمراً ؛ فإنّ العصير بعد الغليان مال عرفاً وشرعاً ، والنجاسة إنّما تمنع من الماليّة إذا لم يقبل التطهير ، كالخمر فإنّها لا يزول نجاستها (١) إلاّ بزوال موضوعها ؛ بخلاف العصير ، فإنّه يزول نجاسته بنقصه ، نظير طهارة ماء البئر بالنزح.
عدم شمول «نجس العين» للعصير
وبالجملة ، فالنجاسة فيه وحرمة الشرب عرضيّة تعرضانه في حال متوسّط بين حالَتَي طهارته ، فحكمه حكم النجس بالعرض القابل للتطهير ، فلا يشمله قوله عليهالسلام في رواية تحف العقول : «أو شيء من وجوه النجس» (٢) ولا يدخل تحت قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا حرّم الله شيئاً حرّم ثمنه» (٣) ؛ لأنّ الظاهر منهما (٤) العنوانات النجسة والمحرّمة بقول مطلق ، لا ما تعرضانه في حالٍ دون حال ، فيقال : يحرم في حال كذا ، أو ينجس (٥) في حال كذا.
وبما ذكرنا يظهر عدم شمول معقد إجماع التذكرة (٦) على فساد بيع نجس العين للعصير ؛ لأنّ المراد بالعين هي الحقيقة ، والعصير ليس كذلك.
ويمكن أن ينسب جواز بيع العصير إلى كلّ مَن قيّد الأعيان النجسة المحرّم بيعها بعدم قابليّتها للتطهير ، ولم أجد مصرّحاً بالخلاف ،
__________________
(١) كذا في «ش» ، وفي سائر النسخ : فإنّه لا يزول نجاسته.
(٢) تقدّمت في أوّل الكتاب.
(٣) المتقدّم في الصفحة : ١٣ و ٤٣ عن عوالي اللآلي وسنن الدارقطني.
(٤) في أكثر النسخ : منها.
(٥) في «ش» : وينجس.
(٦) التذكرة ١ : ٤٦٤.