وأمّا مع التمكّن من العلم في المسألة ؛ فعدم (١) جواز الاكتفاء فيها بتحصيل الظنّ ووجوب تحصيل اليقين ، مبنيّ على القول بوجوب تحصيل الواقع علما ، أمّا إذا ادّعي أنّ العقل لا يحكم بأزيد من وجوب تحصيل الظنّ ، وأنّ الضرر الموهوم لا يجب دفعه ، فلا دليل على لزوم تحصيل العلم مع التمكّن.
الاستدلال على أصالة الحرمة بالآيات الناهية عن العمل بالظنّ
ثمّ إنّه ربما يستدلّ على أصالة حرمة العمل بالظنّ بالآيات الناهية عن العمل بالظنّ (٢) ، وقد أطالوا الكلام في النقض والإبرام في هذا المقام (٣) بما لا ثمرة مهمّة في ذكره بعد ما عرفت.
لأنّه إن اريد الاستدلال بها على حرمة التعبّد والالتزام والتديّن بمؤدّى الظنّ ، فقد عرفت (٤) أنّه من ضروريّات العقل ، فضلا عن تطابق الأدلّة الثلاثة النقليّة عليه.
وإن اريد دلالتها على حرمة العمل المطابق للظنّ وإن لم يكن عن استناد إليه :
فإن اريد حرمته إذا خالف الواقع مع التمكّن من العلم به ، فيكفي في ذلك الأدلّة الواقعية.
وإن اريد حرمته إذا خالف الاصول مع عدم التمكّن من العلم ، فيكفي فيه ـ أيضا ـ أدلّة الاصول ؛ بناء على ما هو التحقيق : من أنّ
__________________
(١) كذا في (ص) ، وفي غيرها : «فلأنّ عدم».
(٢) يونس : ٣٦ ، والإسراء : ٣٦.
(٣) انظر مفاتيح الاصول : ٤٥٣ ، ومناهج الأحكام : ٢٥٥.
(٤) راجع الصفحة ١٢٥ ـ ١٢٦.