ومن هنا يتّضح دخولها في مسائل اصول الفقه الباحثة عن أحوال الأدلّة ، ولا حاجة إلى تجشّم دعوى : أنّ البحث عن دليليّة الدليل بحث عن أحوال الدليل (١).
ثمّ اعلم : أنّ أصل وجوب العمل بالأخبار المدوّنة في الكتب المعروفة ممّا اجمع عليه في هذه الأعصار ، بل لا يبعد كونه ضروريّ المذهب.
الخلاف في الأخبار المدوّنة في مقامين
وإنّما الخلاف في مقامين :
١ ـ هل هي مقطوعة الصدور ، أم لا؟
أحدهما : كونها مقطوعة الصدور أو غير مقطوعة؟ فقد ذهب شرذمة من متأخّري الأخباريّين (٢) ـ فيما نسب إليهم ـ إلى كونها قطعيّة الصدور.
وهذا قول لا فائدة في بيانه والجواب عنه ، إلاّ التحرّز عن حصول هذا الوهم لغيرهم كما حصل لهم ؛ وإلاّ فمدّعي القطع لا يلزم بذكر ضعف مبنى قطعه. وقد كتبنا في سالف الزمان في ردّ هذا القول رسالة (٣) تعرّضنا فيها لجميع ما ذكروه ، وبيان ضعفها بحسب ما أدّى إليه فهمي القاصر.
٢ ـ هل هي معتبرة بالخصوص ، أم لا؟
الثاني : أنّها مع عدم قطعيّة صدورها معتبرة بالخصوص أم لا؟
__________________
(١) هذه الدعوى من صاحب الفصول في الفصول : ١٢.
(٢) منهم : صاحب الوسائل في الوسائل ١٨ : ٥٢ و ٧٥ ، والشيخ حسين الكركي في هداية الأبرار : ١٧.
(٣) الظاهر أنّ هذه الرسالة مفقودة.