فى الخارج لذاته ، وإمّا ان يكون ممتنع الوجود فى الخارج لذاته لكان أظهر وأولى ، كما لا يخفى.

وانّما قيّد الوجود بقوله فى الخارج مع انّ المتبادر من الوجود هو الوجود الخارجى ، تنبيها على انّ المقصود هاهنا تقسيم المعقول بالقياس إلى الوجود الخارجى إلى الأقسام الثّلاثة ، وإلّا فالوجوب والامكان والامتناع كيفيّات لنسبة المحمولات الى الموضوعات ، سواء كان المحمول نفس الوجود الخارجى أو غيره من المفهومات.

ثم المشهور فى تفصيل هذا التقسيم انّ المفهوم إن كان ذاته مقتضيا للوجود فهو الواجب لذاته ، وان كان ذاته مقتضيا للعدم فهو الممتنع لذاته ، وإن لم يكن ذاته مقتضيا لشيء منهما فهو الممكن لذاته.

وفيه بحثان :

الأوّل ، انّ هذا التّقسيم لا يتمّ على مذهب الحكماء من انّ الوجود الواجب عينه وهو المختار عند أهل الحق من الفرقة الناجية ضرورة انّ الاقتضاء يقتضي المغايرة بين المقتضى والمقتضى ، فالواجب على رأيهم يخرج عن قسم الواجب لذاته ويدخل فى قسم الممكن لذاته.

وقد يجاب عنه بأنّ هذا التّقسيم للشّيء بالقياس الى الوجود والعدم ، وذلك لا يتصوّر إلّا فيما له وجود أو عدم مغاير لذاته فالواجب على رأيهم خارج عن المقسم. وأمّا الواجب بمعنى ما يكون ذاته مقتضيا لوجوده فهو داخل فى المقسم فى بادى الرأى وان لم يكن متحقّقا فى نفس الأمر ، بل التحقيق يقتضي امتناعه. والتقسيم المذكور انما هو بحسب الاحتمال العقلى لا بحسب نفس الأمر.

ويرد عليه انّه لا يخفى على المنصف انّ الغرض من هذا التّقسيم تحصيل مفهوم الواجب لذاته المتفرّع عليه إثباته وخواصّه ، واذا كان الواجب خارجا عن المقسم يكون التّقسيم بالحقيقة لغير الواجب ويكون الواجب المذكور ممتنعا ، فكيف يثبت وكيف يتفرّع عليه خواصّه؟

۲۹۲