﴿فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً وقوله تعالى  ﴿اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ وقوله تعالى :  ﴿الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وقوله تعالى :  ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ الى غير ذلك مما لا يعدّ ولا يحصى لدلالتها بحسب الظّاهر على ما هو المطلوب وفيه ما فيه فليتدبّر.

ثمّ هذه النّصوص معارضة بأمثالها كقوله تعالى :  ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ وقوله :  ﴿قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وقوله :  ﴿لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وغير ذلك. وأنت تعلم أنّ ظواهر النّصوص إذا تعارضت لم تقبل شهادتها خصوصا فى المطالب اليقينيّة ، بل وجب الرّجوع إلى غيرها من الدّلائل القطعيّة ، لكن ما أوردنا من الأدلّة العقليّة القطعيّة ترجّح ما يوافقها من الأدلّة السّمعيّة ، كما انّ هذه الادلّة السّمعيّة يؤيّد تلك الأدلّة العقليّة.

البحث الثالث فى استحالة طريان القبح وهو ما يذمّ فاعله عند العقل على ما عرفت ويندرج فيه الإخلال بالواجب ، ضرورة أنّه يوجب استحقاق فاعله للذّم عند العقل عليه تعالى.

قد اجتمعت الأمّة على انّه تعالى لا يفعل القبيح ولا يترك الواجب ، لكن الأشاعرة من جهة أنّه لا قبيح منه ولا واجب عليه ، ولذلك أسندوا خلق جميع الأفعال إليه تعالى سواء كانت حسنة أو قبيحة ، والمعتزلة من جهة أنّه يترك القبيح ويفعل الواجب ، وهذا الخلاف مبنىّ على الخلاف فى أنّ الحسن والقبح عقليّان أو شرعيّان.

والمختار عند أهل الحق مذهب المعتزلة. وقد استدلّوا عليه بأنّ الممكن لا يوجد إلّا عند وجود المقتضى وارتفاع الموانع فيمتنع وجوده عند ارتفاع المقتضى أو وجود المانع قطعا ، والقبيح بالنّسبة إليه تعالى لا مقتضى له اصلا وله مانع دائما ، فيستحيل عليه تعالى ضرورة وذلك لأنّ له تعالى صارفا أى مانعا عن فعل القبيح وهو القبح وعلمه تعالى به ولا داعى اى مقتضى له تعالى إليه لأنّه اى الداعى له تعالى إلى فعل القبيح إمّا داعى الحاجة اى داع هو حاجته تعالى إليه الممتنعة عليه تعالى

۲۹۲