لا يقال يجوز أن يتولّد من الأجزاء الأصليّة للمأكول الفضلة فى الآكل نطفة يتولّد منها إنسان آخر فيعود المحذور.
لأنّا نقول لا نسلّم وقوع هذه الصّورة ومجرّد الجواز العقلى غير نافع فى مقام المعارضة على ما لا يخفى.
ويمكن أن يجاب عن الإشكالين بأنّ المحال إعادة الأجزاء الماكولة فيهما معا لا اعادتها فيهما على سبيل التعاقب ، ولا ينافيه ما ثبت من أنّ الآخرة دار الخلد لجواز تعاقب الإعادة لا إلى نهاية ، وحمل الخلد عليه بأدنى تمحّل فليتأمّل.
واحتجّ الحكماء على امتناع المعاد البدنىّ بما ذهبوا إليه من امتناع إعادة المعدوم.
وأجيب عنه بأنّ امتناع اعادة المعدوم ممنوع ، وما ذكروه فى بيانه لا يتمّ ، ولو سلّم فإنّما يلزم منه امتناع المعاد البدنىّ بإعادة البدن الأوّل بعينه بعد انعدامه لامتناعه بجمع الأجزاء المتفرّقة لذلك البدن.
ويرد عليه انّ امتناع إعادة المعدوم يستلزم امتناع المعاد البدنىّ بجميع الأجزاء المتفرّقة ، لأنّه إن كان البدن الأوّل بعينه فلا يتصوّر المعاد وإلّا فإن أعيد ذلك البدن بعينه يلزم إعادة المعدوم وقد فرضنا امتناعه ، وان اعيد مثله يلزم التّناسخ ولذا قيل : ما من مذهب إلّا وللتّناسخ فيه قدم راسخ. وجوابه انّ المعاد البدنىّ عبارة عن عود الرّوح إلى أجزاء البدن الأوّل بعد تفرّقها ، وان لم يكن الهيئة الاجتماعية السّابقة معادة ، ولا يقدح تبدّل بعض الأجزاء والأوصاف فى عود البدن الأوّل عرفا وشرعا كما انّ زيدا مثلا يتبدّل بعض أجزائه وأوصافه عند انتقاله من الطّفوليّة إلى الشّباب ومنه إلى الشّيب ومع ذلك يعدّ شخصا واحدا من أوّل عمره إلى آخره فى الشّرع والعرف ، وليس ذلك من قبيل التّناسخ ، لأنّه عبارة عن انتقال النّفس من البدن إلى بدن آخر مغاير الأوّل بحسب ذوات الاجزاء ، ولا تغاير هاهنا فى الذّوات بل فى الهيئة ، ولو سمّى هذا تناسخا كان مجرّد اصطلاح لا يضرّنا إذا لم يقم دليل على استحالته قطعا.
وكلّ من كان له عوض على الله تعالى أو على غيره من المكلّفين اى نفع