عوض للثّانى. ومعنى العوض هو النّفع المستحقّ أى الّذي استحقّه شخص الخالى من تعظيم وإجلال ، فالقيد الأوّل لإخراج التفضّل والثّاني لإخراج الثّواب.
إذا عرفت هذا فنقول : يجب على الله تعالى إيصال عوض الآلام الصّادرة عنه بالتفضّل المذكور إلى المتألّم بها ، وإلّا أى وإن لم يوصل عوض تلك الآلام إلى المتألّم بها لكان الإيلام بها ظلما منه تعالى عليه ، واللازم باطل لأنّه تعالى الله عن ذلك أى عن الظّلم لكونه قبيحا عقلا فالملزوم مثله ، ووجه الملازمة أنّ الإيلام بكلّ واحد من تلك الآلام على تقدير عدم عوض إيصال العوض يكون إضرارا محضا منه غير مستحقّ لكونه باعثا عليهما ابتداء ، ولا شكّ فى أنّ الإضرار المحض من غير استحقاق ظلم فيكون الإيلام بها على ذلك التّقدير ظلما قطعا. وإذا ثبت أنّ عدم إيصال العوض فى تلك الآلام إلى المتألّم بها باطل ممتنع ثبت أنّ إيصال العوض إليه واجب عليه تعالى وهو المطلوب.
هذا خلاصة الكلام فى المقام على ما يستفاد من كلامهم فى تقرير المرام. وانت تعلم ان الفرق بين الغم المستند إلى علم ضرورى او كسبى والإحراق عند إلقاء شخص فى النّار بأن الباعث على حصول الأوّل هو الله تعالى وعلى حصول الثّاني هو العبد الملقى مشكل جدّا فليتأمّل.
ولمّا بيّن أنّه قد يجب العوض على الله تعالى خلافا للأشاعرة لأنّهم لا يوجبون شيئا عليه تعالى ، أراد أن يشير إلى الفرق بين العوض الواجب عليه تعالى والعوض الواجب على العباد ، فقال ويجب زيادته أى زيادة العوض الواجب عليه تعالى على قدر الألم بحيث ينتهى إلى حدّ الرّضا عند كل عاقل وإلّا اى وان لم يجب الزيادة بل جاز الاقتصار على قدر استحقاق الآلام المعتبر فى العوض لكونه كافيا فى دفع الظّلم لكان أى لا لأمكن أن يكون ذلك الإيلام عبثا خاليا عن الفائدة والتّالى باطل ، فالمقدم مثله ، بخلاف العوض الواجب على العباد فإنّه لا يجب زيادته عليهم. والمشهور أنّ بينهما فرقا آخر وهو أنّه لا بدّ فى العوض الواجب عليه تعالى من اشتمال الألم المعوّض عنه تعالى اللّطفية بالنّظر الى المتألّم به أو إلى غيره وإلّا لكان عبثا بخلاف العوض الواجب على العباد وهاهنا نظر.
واعلم أنّه كما يجب عليه تعالى إيصال العوض الواجب عليه إلى المتألّم كذلك