الوضوء ، وفي تفسير ذلك وجهان :

أحدهما أن يقال : إنه عليه‌السلام بصدد بيان ما هو الوظيفة الفعلية في الأقطع اليد والرجل ، وإن الغسل أعم من المسح ، فقد بيّن عليه‌السلام أنه يغسل يده ويمسح رِجله.

ثانيهما : أن يحمل الأمر بغسل الرجل على موارد التقيّة ، أعني ما إذا لم يتمكن من المسح على رجليه تقيّة ، والأظهر هو الأول ، هذا.

وقد يستدل على وجوب الغسل في المقدار الباقي من المرفق أو اليد بقاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور والاستصحاب ، ولكن القاعدة لو سلمنا أن غسل المقدار الباقي في الأقطع ميسور الوضوء غير ثابتة ، إذ لم يدلنا عليها أي دليل على ما قررناه في محله (١).

وأما الاستصحاب ، فهو أيضاً كسابقه لعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية كما مر غير مرة.

على أنّا لو أغمضنا عن ذلك ، وأغمضنا أيضاً من المناقشة في بقاء الموضوع لدى العرف ، بأن قلنا إن الوضوء في المقدار الباقي من أعضائه قد كان واجباً في حق الأقطع قبل صيرورته أقطع ، ونشك في بقائه عليه بعد صيرورته كذلك ، مع أن الواجب أوّلاً في حقه بمقتضى الآية المباركة وغيرها إنما هو الوضوء التام ، أعني غسل الوجه واليدين بتمامهما لا المقدار الباقي منهما ، فإنما يتم ذلك فيما إذا عرض عليه التقطيع بعد دخول الوقت. دون ما إذا طرأ عليه قبل دخوله ، إذ لا يتصف الوضوء في حقِّه حينئذٍ بالوجوب حتى نستصحبه لدى الشك في بقائه ، اللهمّ إلاّ على القول بالاستصحاب التعليقي وهو ممّا لا نقول به.

إذن فالصحيح في الاستدلال ما ذكرناه ، هذا كله فيما إذا قطعت اليد من المرفق أو عمّا دونه.

__________________

(١) مصباح الأُصول ٢ : ٤٨٥.

۴۴۶