وأمّا الصورة الثالثة : أعني ما إذا قطعت عمّا فوق المرفق ، فهل يجب عليه غسل عضده بدلاً عن يده؟

المعروف بين أصحابنا عدم وجوب غسل العضد في حقه ، بل التزم بعضهم بالاستحباب ، بل لم ينسب الخلاف فيه إلاّ إلى ابن الجنيد ، ولكن العبارة المحكية منه غير مساعدة على تلك النسبة ، قال فيما حكي من كلامه : إذا قطعت يده من مرفقه غسل ما بقي من عضده (١) وهذه العبارة كما ترى كعبارة صحيحة علي بن جعفر المتقدِّمة (٢) حيث سئل عن الرجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضأ؟ قال عليه‌السلام يغسل ما بقي من عضده ، وقد قدّمنا أن ظاهرها أنّ المراد بما بقي إنّما هو الباقي من مرفقه وهو العضد بعد ما قطع بعضه أعني الذراع ، لأنّ السؤال إنما هو عن قطع يده من المرفق ، فلو كان أراد به قطع تمام المرفق ووجوب غسل العضد بدلاً عن اليد لكان الواجب أن يقول : يغسل العضد ممّا بقي من يده.

وعلى الجملة : إنّ الصحيحة ظاهرة في إرادة قطع المرفق مع بقاء مقدار منه ، وليست ناظرة إلى قطع اليد عما فوق المرفق ، وعليه فعبارة ابن الجنيد خارجة عما هو محل الكلام ، أعني قطع اليد عمّا فوق المرفق.

وكيف كان فلا مستند للقول بوجوب غسل العضد بعد قطع تمام المرفق إلاّ أمران كلاهما غير قابل للمساعدة عليه.

أحدهما : إطلاق صحيحتي رفاعة ومحمد بن مسلم المتقدمتين ، لدلالتهما على الأمر بغسل المكان الذي قطع منه ، أو بغسلهما أي اليد والرِّجل في أقطعهما ، من دون تعرض للمقدار الباقي من اليد ، فمقتضى إطلاقهما لزوم غسل العضد فيما إذا قطعت اليد عمّا فوق المرفق ، لصدق أنه المكان الذي قطع منه ، وأنه يد الأقطع ، فيشملها الأمر بالغسل في قوله عليه‌السلام « يغسلهما ».

__________________

(١) المختلف ١ : ١٢٠ / ٧٣.

(٢) في ص ٨٧.

۴۴۶