الشرع.

وعلى هذا الاحتمال تكون الأخبار المذكورة أجنبية عن المدعى ، وإنما تدلنا على أن الفعل الاختياري يعتبر في صحته أن يكون صادراً بالإرادة وقصد عنوانه ، ولا يستفاد منها اعتبار نيّة القربة والامتثال في كل واجب.

ولكن الأخبار المذكورة لا دلالة لها على هذا المعنى أيضاً ، وذلك لأن بيان اعتبار الاختيارية وقصد عنوان الفعل بالإضافة إلى الأفعال المتقومة بالقصد كالتعظيم والإهانة ، والعبادات الشرعية حيث يعتبر فيها زائداً على قصد القربة قصد عناوين الأفعال وصدورها عن الإرادة والاختيار ، وكذا الحال في العقود والإيقاعات ، من قبيل توضيح الواضحات غير المناسب للإمام عليه‌السلام لوضوح أن تلك الأفعال لا يتحقق إلاّ بقصد عناوينها.

وأما بالإضافة إلى التوصليات وغيرها من الأفعال التي لا تقوم بقصدها وإرادة عناوينها فهو يستلزم محذور تخصيص الأكثر ، لأنها بأجمعها إلاّ نادراً تتحقق من غير قصد عناوينها ، كما إذا أوجدها غيره أو أوجدها غفلة من دون قصد عناوينها كغسل الثوب للصلاة وغيره من التوصليات.

هذا ، على أن هذا الاحتمال كالاحتمال السابق عليه ينافي بعض الأخبار الواردة في المقام ، وقد ورد في روايتين عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « لا قول إلاّ بعمل ولا قول ولا عمل إلاّ بنيّة ولا قول وعمل ونيّة إلاّ بإصابة السنة » (١) حيث يستفاد منهما أن المراد بالنيّة ليس هو قصد القربة ولا قصد عناوين الأفعال وإلاّ فلا معنى لاصابتهما السنة.

فالصحيح أن يقال : إن المراد بالنية أمر ثالث وهو الداعي والمحرك نحو العمل ، وأن كل ما صدر عن المكلفين من الأفعال أمر مستحسن فيما إذا كان الداعي إليه حسناً ، كما أنه أمر مستقبح فيما إذا كان الداعي إليه قبيحاً ، وهذا كضرب اليتيم لأنه إذا كان بداعي‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٤٧ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٥ ح ٢ ، ٤.

۴۴۶