التأديب يتصف بالحسن ويثاب عليه وإذا كان بداع التشفي أو الإيذاء اتصف بالقبح وعوقب عليه ، وكالنوم لأنه إذا كان بداع الاستراحة ثم الاشتغال بالعبادة فلا محالة اتصف بالحسن ، كما إذا كان بداع الاستراحة ليجدد قواه حتى يقتل مؤمناً بعد ذلك مثلاً اتصف بالقبح.

وهكذا الصلاة ، فإن الداعي إليها إذا كان هو التقرب وقصد الامتثال اتصفت بالحسن ويُثاب عليها ، كما إذا كان الداعي إليها هو الرياء ونحوه اتصفت بالقبح وعوقب عليها ، وهكذا بقية الأعمال والأفعال لأنها كالجسد والنيّة بمثابة الروح ، فكما أن الأنبياء عليهم‌السلام متحدون بحسب الصورة مع الأشقياء ، لأن كُلا منهما بصورة الإنسان لا محالة ، وإنما يختلفان ويفترقان بحسب الروح والحقيقة ، فان روح النبيّ روح طيِّبة ولأجل اتحادها مع البدن نحو اتحاد اتصف بدنه أيضاً بوصف روحه وروح الشقي روح خبيثة فبدنة أيضاً خبيث.

كذلك الأفعال الصادرة من العباد ، لأنها كالأجساد يشبه بعضها بعضاً ، وإنما يفترقان من ناحية أرواحها وهي النيّات والدواعي ، فالفعل إذا صدر بداع حسن فيتصف بالحسن وإن كان صادراً بداع قبيح فهو قبيح.

وبهذا يصح أن يقال لا عمل إلاّ بنية وأن الميزان في الحسن والقبح والثواب والعقاب إنما هو الدواعي والنيات ، فان كان الداعي حسناً فالعمل أيضاً حسن وإن كان قبيحاً فالعمل أيضاً قبيح.

وبما ذكرناه قد صرح في ذيل بعض الروايات حيث قال : « فمن غزا ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله عزّ وجلّ. ومن غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالاً لم يكن له إلاّ ما نوى » (١) فان الغزو من كل من الشخصين فعل واحد لا اختلاف فيه بحسب الصورة والجسد ، لأن كُلا منهما مقاتل وجعل نفسه معرضاً للقتل ، غير أنهما يختلفان بحسب الروح الداعية إليه والمحركة نحوه ، فان كان الداعي له إلى ذلك هو الله عزّ وجلّ فقد وقع عليه أجره ، ومن كان داعيه عرض الدنيا لم يكن له إلاّ ما نوى.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٤٨ / أبواب مقدمة العبادات ب ٥ ح ١٠.

۴۴۶