والأُصوليين على أن الشبهات الوجوبية مورد للبراءة عدا المحدث الأسترآبادي (١) ومعه لا مجال للتمسك بقاعدة الاشتغال.

وقد يستدل بأن الأمر يقتضي الفور ، فلو فصل بين أجزاء الوضوء وأفعاله وخالف الفور أثم ، إذن لا بدّ من أن يأتي بها فوراً وهو معنى وجوب الموالاة في الوضوء ، وهذا الاستدلال لو لم يذكروه في الكتب العلمية لكان الصفح عن ذكره أجدر ، لعدم قابليته للذكر أو الاعتماد عليه.

ويدفعه أوّلاً : أن الأمر لا يفيد الفور ، وعلى تقدير تسليم أنه يفيد الفور لا يمكن الالتزام به في المقام ، وإلاّ لوجبت المبادرة إلى غسل الوجه فوراً وهو مما لا يلتزم به أحد ، لأنه كغسل اليدين متعلق للأمر ، فمن قام من نومه وهو الذي فسر به القيام في الآية المباركة لوجب عليه أن يغسل وجهه ، وهو كما ترى. واحتمال أنه لا يقتضي الفور في غسل الوجه ويقتضيه في غسل اليدين ضعيف غايته ، لأن غسل اليدين لم يتعلّق به أمر مستقل وإنما عطف على غسل الوجه ، فلو حملنا الأمر المتعلق به على غير الفور فبأي شي‌ء نستدل على الفور في غسل اليدين ، هذا كله.

على أنّا لو سلمنا جميع ذلك وأغمضنا عن عدم إفادة الأمر للفور وعن عدم إمكان الالتزام به في المقام لمحذور التفكيك بين مثل الوجه وغسل اليدين ، فهو إنما يتم في الأمر المولوي ولا يتم في مثل الوضوء الذي هو شرط ومقدمة للصلاة ، فإن الإتيان به غير واجب على الفور فكيف يكون الإتيان بأجزائه واجباً فورياً وقتئذٍ.

وثالثة يستدل بالإجماع ، ورابعة بالأخبار الآمرة بالمتابعة والاتباع ، ولكن الإجماع غير تعبّدي ولا يكشف مثله عن رأيه عليه‌السلام والأخبار المذكورة إنما تدلّ على وجوب الترتيب لا على وجوب الموالاة كما تقدّم.

فالإنصاف أنه لا دليل على اعتبار الموالاة في الوضوء لا على وجه الشرطية ولا على وجه النفسية ، من دون فرق في ذلك بين العامد وغيره.

__________________

(١) الفوائد المدنيّة : ١٣٨ ١٣٩ وحكى عنه الشيخ في فرائد الأُصول ١ : ٤١٦.

۴۴۶