الثالث : مثل صبّ الماء على أعضائه مع كونه هو المباشر لإجرائه وغسل أعضائه ، وفي هذه الصورة وإن كان لا يخلو تصدّي الغير عن إشكال ، إلاّ أنّ الظاهر صحّته ، فينحصر البطلان فيما لو باشر الغير غسله أو أعانه على المباشرة بأن يكون الإجراء والغسل منهما معاً.


ولا ينبغي الإشكال في أن ذلك يوجب البطلان لمنافاته اشتراط المباشرة في أعمال المكلف.

ومنها : مرسلة الصدوق قدس‌سره قال : « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا توضأ لم يدع أحداً يصب عليه الماء ، فقيل له يا أمير المؤمنين لِمَ لا تدعهم يصبّون عليك الماء؟ فقال : لا أُحب أن أُشرك في صلاتي أحداً ، وقال الله تبارك وتعالى ﴿ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً » (١).

ويتوجه على الاستدلال بها :

أوّلاً : أنها ضعيفة السند بالإرسال.

وثانياً : أنها قاصرة الدلالة على المدعى ، لما مرّ من أن ظاهر الآية المباركة حرمة الإشراك في عبادة الله سبحانه وهل يكون الإشراك مكروهاً ، وإلاّ لم يختص تركه بمن آمن بالله ويوم المعاد ، هذا.

على أن ظاهر الرواية أن عدم حبّه عليه‌السلام أن يصب عليه الماء مستند إلى كون الوضوء مقدمة للصلاة ، وأن الإشراك فيه إشراك في الصلاة ، ولازم هذا كراهة الاستعانة في جميع مقدّمات الصلاة حتى تهيئة المكان والمسجد وغيرهما ، لأنه إشراك في الصلاة ، وهذا مما لا يمكن الالتزام به.

هذا كلّه فيما رواه الصدوق قدس‌سره في المقنع (٢) والفقيه (٣) على وجه الإرسال.

__________________

(١) الوسائل ١ : ٤٧٧ / أبواب الوضوء ب ٤٧ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٢٧ / ٨٥.

(٢) المقنع : ١١.

(٣) الفقيه ١ : ٢٧ / ٨٥.

۴۴۶