اعتبرها الشارع بعد العلم بها ، ومن البعيد جدّاً أن يلتزم بتوقّف الحرمة على العلم بها. مع أن وزانه وزان قوله « الماء كله طاهر ».

وهذا ، على أنّا لو سلمنا كلا الوجهين وبنينا على صحة انطباق الروايات الواردة في معذورية الجاهل على ما نحن فيه ، وعلى أن النجاسة إنما تثبت بالعلم بها ، أيضاً لا يمكننا الالتزام بما أفاده في المقام ، وذلك للنص الخاص الذي دلّ على وجوب إعادة الصلاة أو قضائها فيما إذا توضأ بالماء النجس جاهلاً ، ومع وجود النص الصريح كيف يمكن العمل على طبق القاعدة ، وهو موثقة عمار الساباطي « أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يجد في إنائه فأرة وقد توضأ من ذلك الإناء مراراً أو اغتسل منه أو غسل ثيابه وقد كانت الفأرة متسلخة ، فقال إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم يفعل ذلك بعد ما رآها في الإناء فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء ويعيد الوضوء والصلاة ، وإن كان إنما رآها بعد ما فرغ من ذلك وفعله فلا يمس من ذلك الماء شيئاً وليس عليه شي‌ء ، لأنه لا يعلم متى سقطت فيه ثم قال : لعلّه أن يكون إنما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها » (١).

فانّ تعليله الحكم بقوله « لأنه لا يعلم متى سقطت فيه » كالصريح في أنه لو كان علم سقوطها فيه قبل الوضوء أو الاغتسال أو غسل الثوب وجبت عليه إعادة الوضوء والصلاة ولزم أن يغسل ثيابه وكل ما أصابه ذلك الماء ، وإنما لم يجب عليه ذلك لاحتمال وقوعها في الماء في تلك الساعة التي رآها.

ثم إن الرواية تعم ما إذا انكشفت نجاسة الماء قبل خروج وقت الصلاة وما إذا كان الانكشاف بعد خروجه ، وذلك لقوله « قد توضأ من ذلك الإناء مراراً أو اغتسل منه أو غسل ثيابه » لأن الوضوء مراراً أو الاغتسال وغسل الثياب كذلك لعطفهما على الوضوء مراراً قبل خروج وقت الصلاة مما لا يتحقق عادة. والعجب منه قدس‌سره كيف لم يلتفت إلى وجود النص في المقام والتزم بما نقلناه عنه.

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٤٢ / أبواب الماء المطلق ب ٤ ح ١.

۴۴۶