الفعل أو الترك الصادر منه جهلاً دون ما لم يكن كذلك كالاعادة أو القضاء ، وكتنجس يده المترتب على ملاقاة النجس ونحوه ، فالتطبيق في غير محله.

وأما ما ذكره في الوجه الثاني فلاندفاعه :

أوّلاً بأن قوله عليه‌السلام « حتى تعلم أنه قذر » أدل دليل على ثبوت النجاسة والقذارة في ظرف الجهل وعدم العلم ، لبداهة أنه لولا ثبوتهما قبل العلم بهما فبأيّ شي‌ء يتعلق علمه في قوله « حتى تعلم » فلا مناص من التزام ثبوت النجاسة قبل ذلك واقعاً ، وهي قد يتعلق بها العلم وقد لا يتعلق ، وعليه فمفاد الروايتين إنما هو الطهارة الظاهرية الثابتة في ظرف الشكّ في النجاسة ، وحيث إن وضوءه قد وقع بالماء النجس واقعاً ، فلا مناص من الحكم بالفساد والبطلان ولزوم إعادة ما أتى به من الصلوات بعده أو قضائها ، لأن الاجتزاء بما أتى به من الصلوات الفاسدة يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه ، ومقتضى القاعدة لزوم الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه.

وثانياً بأنّا نقطع أن صاحب الحدائق قدس‌سره بنفسه لا يلتزم بما أفاده في المقام فما ظنك بغيره ، وذلك لأنّا إذا غسلنا ثوباً متنجساً بماء مشكوك الطهارة والنجاسة مع فرض كونه نجساً واقعاً ، فهل يفتي صاحب الحدائق بالطهارة في مثله حتى بعد الانكشاف والعلم بقذارة الماء حال الغسل به ، بحيث لا يحكم بنجاسة ما أصابه ذلك الثوب أو ذلك الماء حال الجهل بنجاسته ، بدعوى أن تطهير الثوب المتنجس يتوقّف على غسله بالماء الطاهر ، والغسل محرز بالوجدان وطهارة الماء ثابتة بالتعبّد على ما ادعاه ، وهذا مما لا يحتمل صدوره عمن هو دونه فضلاً عن مثله ( قدس الله إسراره ).

وثالثاً بأن ما أفاده قدس‌سره إذا كان تماماً في قوله « الماء كله طاهر ... » أو « كل شي‌ء نظيف ... » فلما ذا لا يلتزم به في قوله عليه‌السلام « كل شي‌ء لك حلال حتى تعلم أنه حرام » (١) بأن يدعى أن الحرمة ممّا لا واقعية له ، وإنما هي أمر اعتباري‌

__________________

(١) الوسائل ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤ ، ٢٥ : ١١٨ / أبواب الأطعمة المباحة ب ٦١ ح ٧ ، ٢٤ : ٢٣٦ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٦٤.

۴۴۶