قال : ولم يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا ، كيف يسوغ له أن يروي رواية أُخرى بعين ذلك السند يدل على خلاف ما استفاده من الصحيحة الاولى ، أعني حرمة التقيّة في الأُمور الثلاثة الواردة في الصحيحة.

ومنها : أن السند في كلتا الروايتين واحد كما تقدم.

ومنها : أن الرواية قد نقلها في الوافي (١) بلفظة « لا نتقي » لا « لا يتقى » ولعله هو الصحيح ، وإن كانت نسخ الكافي كلّها حتى النسخة التي بهامش مرآة العقول (٢) وهكذا نسخ غير الكافي بلفظة « لا يتقى » وعلى ذلك فالاتحاد بين الروايتين ظاهر حيث لا فرق بين « نتقي » و« أتقي » لأنهم عليهم‌السلام بمنزلة شخص واحد.

وكيف كان فبهذه الأُمور نستظهر اتحاد الروايتين ولا أقل من احتمال ذلك كما لا يخفى. إذن لا دلالة في الصحيحة على عدم جواز التقيّة في الأُمور الثلاثة لغيرهم عليهم‌السلام.

ولعل هذا هو السر في أن صاحب الوسائل قدس‌سره لم ينقل الصحيحة الثانية في شي‌ء من الأبواب المناسبة لها ، فإنه لولا اتحاد الروايتين وكون الصحيحة بلفظة « لا نتقي » لم يكن لما صنعه صاحب الوسائل من ترك نقل الصحيحة الثانية وجه صحيح لصحة سندها ووضوح دلالتها ، مع أنه قد التزم بنقل الأخبار الموجودة في الكتب الأربعة في الوسائل.

والظاهر أن النسخة عند صاحب الحدائق قدس‌سره أيضاً « لا نتقي » لأنه بعد ما نقل الصحيحة الأُولى عن زرارة وحمل الشيخ لها في التهذيبين على اختصاص عدم جواز التقيّة في الأُمور الثلاثة به عليه‌السلام قال : ومثل خبر زرارة المذكورة أيضاً ما رواه في الكافي ، ثم نقل الصحيحة الثانية إلى آخرها (٣).

ولو لا كون النسخة عنده « لا نتقي » لم تكن هذه الصحيحة مثلاً للصحيحة الاولى‌

__________________

(١) الوافي ٢٠ : ٦٤٣.

(٢) مرآة العقول ٢٢ : ٢٧٥ / ١٢.

(٣) الحدائق ٢ : ٣١١.

۴۴۶