على أنه قيد معتبر مطلقاً ولو عند عدم التمكن من المسح بما دون الزند ، لعدم اليد أصلاً أو لوجود قرحة فيها أو لمانع آخر.

وحمل المسح عليها وإن كان يقتضي إرادة ما دون الزند منها ، إلاّ أنه يختص بمن كان له ما دون الزند وكان متمكناً من المسح بها ، وأما من لا يدله أعني ما دون الزند فقوله : مسحت بيدي لا يناسب إرادة ما دون الزند بوجه. وعليه فإطلاق الأخبار والآية المباركة في حق من لا يد له ، أو له يد ولا يتمكّن من المسح بما دون زنده باق بحاله ، فيدلنا على إرادة المسح بذراعه حينئذٍ ، فالتقييد بخصوص ما دون الزند إنما هو فيما إذا تمكن من المسح به.

وعليه فما جعله صاحب المدارك أقوى وذهب إليه الماتن قدس‌سره من تعيّن المسح بالذراع عند عدم التمكن من المسح بما دون الزند هو الصحيح ، إلاّ أن ظهور الحكم في هذه المسألة ليس بمثابة ظهوره في المسألة الأُولى المتقدمة ، ومن هنا ذكر قدس‌سره أن الحكم هناك مقطوع به وأما هنا فقد جعله أقوى حسبما حكي عنه.

وليس مستند الحكم هنا وهناك قاعدة الميسور أو أصالة الاحتياط لتكون المسألتان من واد واحد ، ويستشكل على صاحب المدارك بعدم ظهور الفرق بين المسألتين ، فلما ذا جعل الحكم في أحدهما مقطوعاً به دون الأُخرى ، وذلك لأن المستند في كلتا المسألتين وإن كان هو الرجوع إلى المطلقات والتمسك بإطلاق دليل المطلق في غير المقدار المتيقن من دليل المقيد لعدم إطلاق دليل التقييد ، إلاّ أن بينهما فرقاً من جهة أن المطلقات في المسألة الأُولى مما لا خدشة فيه لقوله عليه‌السلام « وتمسح ببلّة يمناك ناصيتك » (١) وغيرها من الأخبار الآمرة بالمسح باليد التي قيدناها بخصوص باطن الكف في صورة التمكن من المسح بالباطن ، وأما المطلقات في هذه المسألة أعني الآية المباركة والأخبار الآمرة بمسح الرأس والرجلين المقيدتين بما دون الزند بمقتضى الوجوه المتقدمة فهي محل إشكال وكلام ، ولم يثبت على وجه الجزم والتأكيد ، لما مر وعرفت من أن المطلقات المذكورة يدور أمرها بين احتمالات ثلاثة :

__________________

(١) الوسائل ١ : ٣٨٧ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢.

۴۴۶