الثاني : ما ورد في بعض تلك الأخبار وهو روايتان أنه مسح بكفه رأسه ورجليه (١) ولا يطلق الكف إلاّ على ما دون الزند ، وحيث إن الروايات المذكورة كلها تحكي عن أمر واحد وهو فعله عليه‌السلام ووضوءه في الخارج ، فيعلم منها أن المراد باليد في بقية الروايات أيضاً هو ما دون الزند أعني الكف.

الثالث : مناسبة الحكم والموضوع ، لأن لفظة اليد وإن صح إطلاقها على ما دون الزند تارة وعلى ما دون المرفق ثانياً وعلى ما دون المنكب ثالثاً ، غير أن المحمولات المترتبة عليها ربما تعيّن المراد منها بحسب المناسبات وهي تختلف باختلاف ما يحمل عليها لا محالة ، فإذا قيل : قطعت يد فلان فلا يظهر من ذلك أنها قطعت من أي موضع منها ، فهل إنها قطعت مما دون الزند أو ما دون المرفق أو ما دون المنكب ، إذ القطع يناسب الجميع ، إذن فهي مجملة كحالها قبل حمل القطع عليها. ولكن إذا قيل : كتبت بيدي أو ضربت أو مسحت بها ، يتعيّن أن يكون المراد بها خصوص ما دون الزند ، لعدم مناسبة المحمولات المذكورة لغيره من معاني اليد ، وهذا ظاهر.

فبهذه الوجوه الثلاثة قيدنا الإطلاقات الآمرة بمسح الرأس والرجلين ، غير أنها إنما تقتضي تقييدها بما دون الزند فيما إذا أمكن المسح باليد أي بما دون الزند ، ولا دلالة لها على القيدية المطلقة في كلتا حالتي التمكن والاضطرار حتى يوجب سقوط الأمر بالمسح عند عدم التمكّن من المسح بما دون الزند. وعلى الجملة أنها إنما تقتضي القيدية في حالة التمكّن من المسح بما دون الزند فحسب ، وذلك لأن الأخبار البيانية إنما تحكي عن فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعني مسحه بما دون الزند ، ولكنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان واجد اليد أي ما دون الزند ومتمكناً من المسح به ، ولا إشكال في أن المسح به هو المتعيّن وقتئذٍ ، ولا دلالة لفعله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )

__________________

مسح رأسه ورجليه بما بقي في يديه » المروية في الوسائل ١ : ٣٩١ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٧.

(١) كما في صحيحتي زرارة وبكير المرويتين في الوسائل ١ : ٣٨٨ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٣ ، ١١.

۴۴۶