وعلى ذلك يندرج المقام في كبرى كلية تعرضنا لتفصيلها في بحث الأُصول ، وهي أنه إذا كان لدليل المطلق إطلاق ولم يكن لدليل التقييد ذلك ، كما إذا كان المقيد هو السيرة والإجماع ونحوهما من الأُمور اللبية التي لا إطلاق لها ، فعند الشك في سعة التقييد وضيقه لا بدّ من الأخذ بإطلاق دليل المطلق (١) وبما أن الأخبار الآمرة بمسح الرأس والرجلين باليد مطلقة وغير مقيدة بأن يكون بباطن الكف ، ودليل التقييد بالباطن لبي لا إطلاق له لأنه أمر استفدناه من فعلهم عليهم‌السلام وهو كالسيرة والإجماع مما لا إطلاق له ، فلا مناص من الاقتصار في التقييد بالقدر المتيقن وهو صورة التمكن من المسح بباطن الكف ، وفي غير تلك الصورة يرجع إلى إطلاق الدليل الذي دلنا على لزوم كون المسح باليد كقوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة : « وتمسح ببلّة يمناك ناصيتك ... » (٢) ومقتضى إطلاقها كفاية المسح بكل من ظاهر الكف وباطنه ، لصحة إطلاق اليد عليهما حقيقة.

وأمّا المسألة الثانية ، فالتحقيق فيها هو الذي ذكره الماتن قدس‌سره وجعله صاحب المدارك أقوى حسب ما ينقل عنه قدس‌سره والسر في ذلك هو أنّا إنما قيدنا المطلقات الآمرة بمسح الرأس والرجلين بأن يكون المسح باليد أي بما دون الزند ، للأخبار الواردة في الوضوءات البيانية من أنه عليه‌السلام يمسح رأسه ورجليه بيده وذلك لوجوه ثلاثة :

الأوّل : أن اليد وإن كان لها إطلاقات متعددة إلاّ أن الظاهر منها عند إطلاقها في مقابل الذراع إنما هو ما دون الزند ، وقد ذكرت كلمة اليد في الأخبار المذكورة في مقابل الذراع (٣) وهو قرينة على إرادة ما دون الزند من اليد.

__________________

(١) أشار إلى ذلك في موارد منها في مصباح الأُصول ٢ : ٤٦٣.

(٢) الوسائل ١ : ٣٨٧ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢.

(٣) كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام « ... ثم أخذ كفاً آخر بيمينه فصبه على يساره ثم غسل به ذراعه الأيمن ، ثم أخذ كفاً آخر فغسل به ذراعه الأيسر ، ثم

۴۴۶