والجواب عن ذلك بأحد وجوه :

الأوّل : أن المسح فيها محمول على الغسل ، فإن العامة يرون صحة إطلاق المسح على الغسل.

الثاني : أن المسح محمول على الموارد التي يجوز فيها المسح عند العامة ، كالمسح على الخفين لمن في رجله خف ولا يريد أن ينزعه للتوضؤ.

الثالث : أن العامة بأجمعهم لم يفتوا بوجوب الغسل في الرجلين ، بل الكثير منهم (١) ذهبوا الى التخيير بين المسح والغسل فيهما ، نعم أئمتهم قائلون بتعيّن الغسل (٢) ما عدا الشافعي (٣) وأما سائر علمائهم الذين قد عاصروا الأئمة عليهم‌السلام أو كانوا بعدهم فكثير منهم قائلون بالتخيير. إذن لا تكون الرواية مخالفة للعامة فلا مانع من حملها على التقيّة ولا سيما في الخبر الأخير ، لأنه في الحمل على التقيّة أقرب من غيره وذلك لأن جملة من رواته عامي المذهب كما هو ظاهر.

وكيف كان فهذه الطائفة ساقطة عن قابلية الاستدلال بها على ما ذهب إليه ابن الجنيد قدس‌سره.

وأمّا الطائفة الثانية : فهي الأخبار الواردة في من نسي المسح وتذكّره في أثناء الصلاة ، وهي روايات ثلاث ، اثنتان منها مطلقتان وإحداهما مصرحة بجواز المسح‌

__________________

(١) كالحسن البصري ، ومحمد بن جرير الطبري وأبي علي الجبائي وغيرهم ، حيث ذهبوا إلى التخيير بين المسح والغسل ، وأهل الظاهر ذهبوا إلى الجمع بينهما راجع عمدة القارئ ٢ : ٢٣٨ وفي تفسير الطبري ٦ : ٨٣ : الصواب عندنا أن الله تعالى أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم ، وإذا فعل ذلك المتوضئ فهو ماسح غاسل ، لأن غسلهما إمرار اليد عليهما أو إصابتهما بالماء ، ومسحهما إمرار اليد أو ما قام مقامها عليهما.

(٢) كما في عمدة القارئ ٢ : ٢٣٨ وبداية المجتهد ١ : ١٢ ، ١٥ وفي المغني ١ : ١٥٠ / ١٧٥ : غسل الرجلين واجب في قول أكثر أهل العلم.

(٣) ففي اختلاف الحديث على هامش الام ( مختصر المزني ) ص ٤٨٨ وأحكام القرآن ١ : ٥٠ وهما للشافعي : غسل الرجلين كمال والمسح رخصة وكمال ، أيّهما شاء فعل.

۴۴۶