وأمّا ما نسب إلى ابن الجنيد من تجويز المسح بالماء الجديد فيمكن الاستدلال عليه بطائفتين من الأخبار :

الطائفة الأُولى : ما دلت على أن المسح بالماء الجديد هو المتعيّن ، بحيث لا يجزئ عنه المسح بالبلة الباقية من ماء الوضوء ، وهي عدة روايات وإليك نصّها :

منها : صحيحة أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مسح الرأس قلت : أمسح بما على يدي من الندى رأسي؟ قال : لا ، بل تضع يدك في الماء ثم تمسح » (١).

ومنها : صحيحة معمر بن خلاد قال : « سألت أبا الحسن عليه‌السلام أيجزئ الرجل أن يمسح قدميه بفضل رأسه؟ فقال برأسه : لا ، فقلت : أبماء جديد؟ قال برأسه : نعم » (٢).

ومنها : رواية جعفر بن أبي عمارة الحارثي قال : « سألت جعفر بن محمد عليه‌السلام أمسح رأسي ببلل يدي؟ قال : خذ لرأسك ماء جديداً » (٣).

ولكن هذه الطائفة بما أنها مخالفة للضرورة عند الشيعة ومعارضة للأخبار المتواترة ، أعني الإخبار البيانية الحاكية عن وضوء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والوصي عليه‌السلام الدالة على وجوب كون المسح بالبلة الباقية من ماء الوضوء ، ولا أقل من استحباب كون المسح بتلك البلة أو جوازه بحيث لم يوجد قائل بمضمون تلك الطائفة حتى ابن الجنيد قدس‌سره إذ لم ينقل منه وجوب كون المسح بالماء الجديد ، بل إنما ينسب إليه جواز ذلك فحسب ، فلا مناص من حملها على التقيّة ، هذا.

وقد يشكل الحمل على التقيّة في صحيحة معمر بن خلاد ، لأجل اشتمالها على الأمر بمسح الرجلين على ما هو الدارج عند الشيعة الإمامية ، والعامة يرون وجوب غسلهما ، ومعه كيف يمكن حملها على التقيّة ، لأنها مخالفة للعامة وقتئذٍ.

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ١ : ٤٠٩ / أبواب الوضوء ب ٢١ ح ٥.

(٣) الوسائل ١ : ٤٠٩ / أبواب الوضوء ب ٢١ ح ٦.

۴۴۶