قال في الوافية في شرائط الاستصحاب :
الخامس : أن لا يكون هناك استصحاب آخر في أمر ملزوم لعدم ذلك المستصحب. مثلا : إذا ثبت في الشرع أنّ الحكم بكون الحيوان ميتة يستلزم الحكم بنجاسة الماء القليل الواقع ذلك الحيوان فيه ، فلا يجوز الحكم باستصحاب طهارة الماء ولا نجاسة الحيوان ، في مسألة : «من رمى صيدا فغاب ، ثمّ وجده في ماء قليل ، يمكن استناد موته إلى الرمي وإلى الماء». وأنكر بعض الأصحاب (١) ثبوت هذا التلازم وحكم بكلا الأصلين : بنجاسة الصيد ، وطهارة الماء (٢) ، انتهى.
دعوى الإجماع على تقديم الاستصحاب الموضوعيّ على الحكميّ
ثمّ اعلم : أنّه قد حكى بعض مشايخنا المعاصرين (٣) عن الشيخ علي في حاشية الروضة : دعوى الإجماع على تقديم الاستصحاب الموضوعيّ على الحكميّ.
ولعلّها مستنبطة حدسا من بناء العلماء واستمرار السيرة على ذلك ، فلا يعارض أحد استصحاب كرّية الماء باستصحاب بقاء النجاسة فيما يغسل به ، ولا استصحاب القلّة باستصحاب طهارة الماء الملاقي للنجس ، ولا استصحاب حياة الموكّل باستصحاب فساد تصرّفات وكيله.
المناقشة في دعوى الإجماع
لكنّك قد عرفت فيما تقدّم (٤) من الشيخ والمحقّق خلاف ذلك.
هذا ، مع أنّ الاستصحاب في الشكّ السببيّ دائما من قبيل
__________________
(١) كفخر الدين والمحقق الثاني وغيرهما ، كما تقدّم.
(٢) الوافية : ٢١٠.
(٣) هو شريف العلماء ، انظر تقريرات درسه في ضوابط الاصول : ٣٨٦.
(٤) راجع الصفحة ٤٠١.