الموردين هو الموجب للاشتباه ، وتحكّم تلك الشبهة. إذن ما الضابط لهما؟
إنّ الضابط في ذلك أنّ الأثر المراد ترتّبه ، إمّا أن يكون أثرا للكلّيّ ، أي أثرا لذات الحصّة من الكلّيّ ، لا بما لها من التعيّن الخاصّ والخصوصيّة المفرّدة ، أو أثرا للفرد ، أي أثرا للحصّة بما لها من التعيّن الخاصّ والخصوصيّة المفرّدة.
فإن كان الأوّل فيكفي فيه استصحاب القدر المشترك ، أي ذات الحصّة الموجودة ، إمّا في ضمن الفرد المقطوع الارتفاع على تقدير أنّه هو الحادث ، أو الفرد المقطوع البقاء على تقدير أنّه هو الحادث ، ويكون ذلك من باب استصحاب الكلّيّ [من] القسم الثاني ، وقد تقدّم أنّنا لا نعني من استصحاب الكلّي نفس الماهيّة الكلّيّة ، بل استصحاب وجودها.
وإن كان الثاني فلا يكفي استصحاب القدر المشترك ، وإنّما الذي ينفع استصحاب الفرد بما له من الخصوصيّة المفرّدة ، المفروض فيه أنّه مردّد بين الفرد المقطوع الارتفاع على تقدير أنّه الحادث ، أو الفرد المقطوع البقاء على تقدير أنّه الحادث ، ويكون ذلك من باب استصحاب الفرد المردّد.
إذا عرفت هذا الضابط فالمثال الذي وقعت فيه الشبهة هو من النوع الثاني ؛ لأنّ الموضوع للنجاسة المستصحبة ليس أصل العباءة ، أو الطرف الكلّيّ منها ، بل نجاسة الطرف الخاصّ بما هو طرف خاصّ ، إمّا الأعلى أو الأسفل.
وبعد هذا يبقى أن نتساءل : لما ذا لا يصحّ جريان استصحاب الفرد المردّد؟ نقول : لقد اختلفت تعبيرات الأساتذة في وجهه ، فقد قيل : «لأنّه لا يتوفّر فيه الركن الثاني ، وهو الشكّ في البقاء» (١) ، وقيل : «بل لا يتوفّر الركن الأوّل ، وهو اليقين بالحدوث ، فضلا عن الركن الثاني». (٢)
أمّا : الوجه الأوّل فبيانه أنّ الفرد بما له من الخصوصيّة مردّد ـ حسب الفرض ـ بين ما هو مقطوع البقاء ، وبين ما هو مقطوع الارتفاع ، فلا شكّ في بقاء الفرد الواقعيّ الذي كان معلوم الحدوث ؛ لأنّه إمّا مقطوع البقاء ، أو مقطوع الارتفاع.
__________________
(١) هذا ما قال به المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ٤ : ١٢٦ ـ ١٢٧.
(٢) وهذا ما اختاره أستاذه المحقّق الأصفهانيّ في نهاية الدراية ٣ : ١٦٤ ـ ١٦٦.