الطوسيّ قدسسره ، بل من قبله إلى زماننا الحاضر على ترتيب آثار الطهارة السابقة بلا نكير منهم ، وكذا في كثير من المسائل ممّا هو نظير ذلك. ومعلوم أنّ فرض كلامهم في مورد الشكّ اللاحق لا في مورد الشكّ الساري ، فلا يكون حكمهم بذلك من جهة قاعدة اليقين ، بل ولا من جهة قاعدة المقتضي والمانع.
والحاصل أنّ هذا ومثله يكفي في الاستدلال على اعتبار الاستصحاب في الجملة في مقابل السلب الكلّي ، وهو قطعيّ بهذا المقدار. ويمكن حمل قول منكر الاستصحاب مطلقا على إنكار حجّيّته من طريق الظنّ ، لا من أيّ طريق كان ، في مقابل من قال بحجّيّته لأجل تلك الملازمة العقليّة المدّعاة.
نعم ، دعوى الإجماع على حجّيّة مطلق الاستصحاب (١) ، أو في خصوص ما إذا كان الشكّ في الرافع (٢) في غاية الإشكال ، بعد ما عرفت من تلك الأقوال.
الدليل الرابع : الأخبار
وهي العمدة في إثبات الاستصحاب ، وعليها التعويل ، وإذا كانت أخبار آحاد فقد تقدّم حجّيّة خبر الواحد ، مضافا إلى أنّها مستفيضة ، ومؤيّدة بكثير من القرائن العقليّة ، والنقليّة. وإذا كان الشيخ الأنصاريّ قدسسره قد شكّ فيها بقوله : «هذه جملة ما وقفت عليه من الأخبار المستدلّ بها للاستصحاب ، وقد عرفت عدم ظهور الصحيح منها ، وعدم صحّة الظاهر منها» ، (٣) فإنّها في الحقيقة هي جلّ اعتماده في مختاره ، وقد عقّب هذا الكلام بقوله : «فلعلّ الاستدلال بالمجموع باعتبار التجابر والتعاضد» ، (٤) ثمّ أيّدها بالأخبار الواردة في الموارد الخاصّة (٥) :
__________________
(١) كما ادّعاه العلاّمة في : مبادئ الوصول كما مرّ.
(٢) كما هو مدّعى الشيخ الأنصاريّ ، واختاره المحقّق النائينيّ. راجع : فرائد الأصول ٢ : ٥٦٢ ، وفوائد الأصول ٤ : ٣٣٤.
(٣) فرائد الأصول ٢ : ٥٧٠.
(٤) فرائد الأصول ٢ : ٥٧٠.
(٥) فرائد الأصول ٢ : ٥٧١ ـ ٥٧٥.