الثامن : التفصيل بين ما ثبت بالإجماع وغيره ، فلا يعتبر في الأوّل. (١)
التاسع : التفصيل بين كون المستصحب ممّا ثبت بدليله أو من الخارج استمراره ، فشكّ في الغاية الرافعة له ، وبين غيره ، فيعتبر في الأوّل دون الثاني ، كما هو ظاهر «المعارج». (٢)
العاشر : هذا التفصيل مع اختصاص الشكّ بوجود الغاية ، كما هو الظاهر من المحقّق السبزواريّ (٣) فيما سيجيء من كلامه.
الحادي عشر : زيادة الشكّ في مصداق الغاية من جهة الاشتباه المصداقيّ دون المفهوميّ ، كما هو ظاهر ما سيجيء من المحقّق الخوانساريّ. (٤)
ثمّ إنّه لو بني على ملاحظة ظواهر كلمات من تعرّض لهذه المسألة في الأصول والفروع لزادت الأقوال على العدد المذكور بكثير ، بل يحصل لعالم واحد قولان ، أو أزيد في المسألة ، إلاّ أنّ صرف الوقت في هذا ممّا لا ينبغي.
__________________
ـ المذكور فيه ، بل ثبوت هذه الأحكام التكليفيّة في الزمان الثاني بالنصّ ، لا بالثبوت في الزمان الأوّل حتى يكون استصحابا.
والحاصل : أنّ الفاضل التوني ذهب إلى أنّ محلّ النزاع في الاستصحاب هو الأحكام الوضعيّة ، واختار عدم حجيّته فيها ، وأمّا : التكليفيّة فهي خارجة عن محلّ النزاع ، وثبوتها في الزمان الثاني أمر مفروغ عنه بالنصّ لا بالاستصحاب ، فيمكن إرجاع كلامه إلى القول بعدم حجّيّته في مطلق الأحكام التكليفيّة والوضعيّة ، أمّا : الأحكام التكليفيّة فلأنّها خارجة من موضع النزاع وإن كان ثبوتها في الزمان الثاني قطعيّا ، إلاّ أنّه بالنصّ لا بالاستصحاب ، وأمّا الوضعيّة فلأنّ المستصحب لا بدّ وأن يكون بنفسه أثرا ، والوضعيّات ليست كذلك. هذا ما استفدناه من كلام الفاضل التوني في الوافية.
وأمّا : التقريب الذي ذكره العلاّمة العراقي ـ من أنّ الفاضل التوني فصّل بين الأحكام التكليفيّة والأحكام الوضعيّة بحجّية الاستصحاب في الأوّل ، دون الثانى ـ ، والتقريب الذي ذكره المحقّق النائينيّ ـ من أنّه فصّل بين الأحكام التكليفيّة والوضعيّة ، ففي الأوّل لا يجري الاستصحاب ، وفي الثاني يجري ـ فهما لا يستفادان من كلامه ، راجع نهاية الأفكار ٤ : ٨٧ ، وفوائد الأصول ٤ : ٣٧٩.
(١) وهذا ما اختاره الغزاليّ في المستصفى ١ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
(٢) معارج الأصول : ٢٠٩ ـ ٢١٠.
(٣) ذخيرة المعاد : ١١٥ ـ ١١٦.
(٤) مشارق الشموس : ٧٥ ـ ٧٦.