على الفصول هذا التقسيم (١) ؛ ضرورة أنّ المعلّق بما فسّره يكون من المشروط بما اختار له من المعنى على ذلك، كما هو واضح، حيث لا يكون حينئذٍ هناك معنى آخر معقولٌ، كان هو المعلّق المقابل للمشروط.
ومن هنا انقدح: أنّه في الحقيقة إنّما أنكر الواجبَ المشروط بالمعنى الّذي يكون هو ظاهر المشهور والقواعِد العربيّة، لا الواجبَ المعلّق بالتفسير المذكور.
وحيث قد عرفت - بما لا مزيد عليه - إمكانَ رجوع الشرط إلى الهيئة - كما هو ظاهر المشهور وظاهر القواعد - فلا يكون مجال لإنكاره عليه.
إشكال المصنّف على الواجب المعلّق
نعم، يمكن أن يقال: إنّه لا وقْع لهذا التقسيم ؛ لأنّه بكلا قسميه من المطلق المقابل للمشروط، وخصوصيّةُ كونه حاليّاً أو استقباليّاً لا توجبه ما لم توجب الاختلافَ في المهمّ، وإلّا لكثرت (٢) تقسيماته ؛ لكثرة الخصوصيّات، ولا اختلاف فيه ؛ فإنّ ما رتّبه عليه من وجوب المقدّمة فعلاً - كما يأتي - إنّما هو من أثر إطلاق وجوبه وحاليّته، لا من استقباليّة الواجب، فافهم.
إشكال بعض أهل النظر في الواجب المعلّق والجواب عنه
ثمّ إنّه ربما حكي عن بعض أهل النظر من أهل العصر (٣) إشكالٌ في الواجب المعلّق، وهو: أنّ الطلب والإيجاب إنّما يكون بإزاء الإرادة المحرِّكة للعضلات نحو المراد، فكما لا تكاد تكون الإرادة منفكّةً عن المراد، فلْيكن الإيجاب غيرَ منفكّ عمّا يتعلّق به، فكيف يتعلّق بأمر استقباليّ ؟ فلا يكاد يصحّ الطلب والبعث فعلاً نحوَ أمرٍ متأخّر.
__________________
(١) راجع مطارح الأنظار ١: ٢٦٣ - ٢٦٤.
(٢) في غير منتهى الدراية: لكثر.
(٣) هو المحقّق النهاونديّ في تشريح الأُصول: ١٩١. وأصرّ عليه جماعة من الأعيان. ( حقائق الأُصول ١: ٢٤٥ ).