وقد عرفت في باب المشتقّ (٢) مباينةَ المصدر وسائر المشتقّات بحسب المعنى، فكيف بمعناه يكون مادّة لها (٣) ؟ فعليه يمكن دعوى اعتبار المرّة أو التكرار في مادّتها، كما لا يخفى.
إن قلت: فما معنى ما اشتهر من كون المصدر أصلاً في الكلام ؟
قلت: - مع أنّه محلّ الخلاف (٤) - معناه: أنّ الّذي وُضع أوّلاً بالوضع الشخصيّ، ثمّ بملاحظته وُضع - نوعيّاً أو شخصيّاً (٥) - سائرُ الصيغ الّتي تناسبه - ممّا جمعه معه مادّةُ لفظٍ متصوّرةٌ في كلٍّ منها ومنه بصورةٍ، ومعنىً كذلك - هو المصدر أو الفعل، فافهم.
المراد بالمرّة و التكرار
ثمّ المراد بالمرّة والتكرار: هل هو الدفعة والدفعات (٦)، أو الفرد والأفراد (٧) ؟
التحقيق: أن يقعا بكلا المعنيين محلّ النزاع، وإن كان لفظهما ظاهراً في المعنى الأوّل.
وتوهُّمُ: أنّه لو أُريد بالمرّة الفرد « لكان الأنسبُ، - بل اللازم - أن يجعل هذا المبحث تتمّةً للمبحث الآتي: من أنّ الأمر هل يتعلّق بالطبيعة أو بالفرد ؟
__________________
(١) أثبتنا الكلمة كما هي في حقائق الأُصول ومنتهى الدراية. وفي غيرهما: ليست.
(٢) في ثاني تنبيهات المشتق ؛ حيث أفاد: أنّ المشتق يكون « لا بشرط » والمبدأ يكون « بشرط لا ». راجع الصفحة: ٨٣.
(٣) في نهاية الدراية ١: ٣٥٨: وكيف يكون بمعناه مادة لها ؟
(٤) حيث ذهب الكوفيّون إلى أنّ الأصل في الكلام هو الفعل. انظر شرح ابن عقيل ١: ٥٥٩، ويراجع للتفصيل: تعليقة القزويني على معالم الأُصول ٢: ٣٩١ - ٣٩٤.
(٥) الأول بالنسبة إلى المادة، والثاني بالنسبة إلى الهيئة... ولا يخفى أنّ المناسب: العطف بالواو، لا بأو ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ١: ٣٩٢ ).
(٦) وهو مختار الفصول: ٧١.
(٧) وهو مختار المحقّق القمّي في القوانين ١: ٩٢.