ومنه ينقدح: أنّ الصحّة والفساد أمران إضافيّان، فيختلف شيءٌ واحدٌ صحّةً وفساداً بحسب الحالات، فيكون تامّاً بحسب حالةٍ، وفاسداً بحسب أُخرى، فتدبّر جيّداً.
الأمر الثالث: لزوم تصوير الجامع على القولين
ومنها: أنّه لابدّ على كلا القولين من قدر جامع في البين، كان هو المسمّى بلفظ كذا.
تصوير الجامع على القول بالصحيح
ولا إشكال في وجوده بين الأفراد الصحيحة، وإمكان الإشارة إليه بخواصّها وآثارها ؛ فإنّ الاشتراك في الأثر كاشفٌ عن الاشتراك في جامعٍ واحدٍ، يؤثّر الكلُّ فيه بذاك الجامع، فيصحّ تصوير المسمّى بلفظ الصلاة - مثلاً - ب « الناهية عن الفحشاء » وما هو « معراج المؤمن » ونحوهما.
إشكال الشيخ الأعظم على تصوير الجامع
والإشكال فيه (١): بأنّ الجامع لا يكاد يكون أمراً مركّباً ؛ إذ كلّ ما فُرض جامعاً، يمكن أن يكون صحيحاً وفاسداً ؛ لما عرفت (٢)، ولا أمراً بسيطاً ؛ لأنّه لا يخلو: إمّا أن يكون هو عنوان المطلوب، أو ملزوماً مساوياً له:
والأوّل غير معقول ؛ لبداهة استحالة أخذ ما لا يتأتّى إلّا من قِبَل الطلب في متعلّقه، مع لزوم الترادف بين لفظة « الصّلاة » و « المطلوب »، وعدمِ جريان البراءة مع الشّك في أجزاء العبادات وشرائطها ؛ لعدم الإجمال حينئذٍ في المأمور به فيها، وإنّما الإجمال في ما يتحقّق به، وفي مثله لا مجال لها - كما حقّق في محلّه - مع أنّ المشهور القائلين بالصحيح قائلون بها في الشكّ فيها.
وبهذا يشكل لو كان البسيط هو ملزوم المطلوب أيضاً.
__________________
(١) أُنظر تفصيله في مطارح الأنظار ١: ٤٦ - ٤٩.
(٢) آنفاً، من كون الصحّة والفساد أمرين إضافييّن.