[٢ ـ ترجيح التخصيص على النسخ]
ومنها : ما قيل (١) فيما إذا دار بين التخصيص والنسخ ـ كما إذا ورد عامّ بعد حضور وقت العمل بالخاصّ ، حيث يدور بين أن يكون الخاصّ مخصّصا ، أو يكون العامّ ناسخا ؛ أو ورد الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعامّ ، حيث يدور بين أن يكون الخاصّ مخصّصا للعامّ أو ناسخا له ورافعا لاستمراره ودوامه ـ في وجه تقديم التخصيص على النسخ من «غلبة التخصيص وندرة النسخ».
ولا يخفى : أنّ دلالة الخاصّ أو العامّ على الاستمرار والدوام إنّما هو بالإطلاق ، لا بالوضع ؛ فعلى الوجه العقليّ في تقديم التقييد على التخصيص ، كان اللازم في هذا الدوران تقديم النسخ على التخصيص أيضا. وأنّ غلبة التخصيص إنّما توجب أقوائيّة ظهور الكلام في الاستمرار والدوام من ظهور العامّ في العموم إذا كانت مرتكزة في أذهان أهل المحاورة بمثابة تعدّ من القرائن المكتنفة بالكلام ، وإلّا فهي وإن كانت مفيدة للظنّ بالتخصيص ، إلّا أنّها غير موجبة لها (٢) ، كما لا يخفى (٣).
__________________
ـ منفصلا عنه. غاية الأمر أنّ العامّ المتّصل يمنع عن انعقاد الظهور في المطلق من أوّل الأمر ، فلا يكون المطلق مع ورود العامّ المتّصل حجّة أصلا ، والعامّ المتّصل يكشف عن عدم تعلّق الإرادة الجدّيّة بالإطلاق من لفظ المطلق ، فيحكم بأنّ الظهور لم يكن مرادا من أوّل الأمر ، لكنّه كان حجّة إلى حين وصول العامّ ، وهذا المقدار من الفرق لا يوجب الحكم بلزوم تقديم العامّ على المطلق. مصباح الاصول ٣ : ٣٧٧.
(١) والقائل هو صاحب الفصول والشيخ الأعظم الأنصاريّ. راجع الفصول الغرويّة : ٢١٣ ـ ٢١٦ ، فرائد الاصول ٤ : ٩٣ ـ ٩٤.
(٢) أي : أنّ الغلبة غير موجبة لأقوائيّة ظهور الكلام.
(٣) ولا يخفى : أنّ كلامه هذا ينافي بظاهره ما أفاد في مبحث العامّ والخاصّ ، فإنّه قدّم التخصيص على النسخ هناك ، حيث قال : «إلّا أنّ الأظهر كونه مخصّصا ، ولو فيما كان ظهور العامّ في عموم الأفراد أقوى من ظهور الخاصّ في الخصوص ، لما اشير إليه من تعارف التخصيص وشيوعه وندرة النسخ جدّا في الأحكام». راجع الجزء الثاني : ١٩٣.
وقد مرّ هناك ما أفاد الأعلام الثلاثة في وجه تقديم التخصيص على النسخ ، فراجع.