لكنّه لا يخفى أنّه لا بدّ أن يكون كذلك بقاء ، ولو لم يكن كذلك ثبوتا (١). فلو لم يكن المستصحب في زمان ثبوته حكما ولا له أثر شرعا وكان في زمان استصحابه كذلك ـ أي حكما أو ذا حكم ـ يصحّ استصحابه. كما في استصحاب عدم التكليف ، فإنّه وإن لم يكن بحكم مجعول في الأزل ولا ذا حكم ، إلّا أنّه حكم مجعول فيما لا يزال ، لما عرفت (٢) من أنّ نفيه كثبوته في الحال مجعول شرعا. وكذا استصحاب موضوع لم يكن له حكم ثبوتا ، أو كان ولم يكن حكمه فعليّا ، وله حكم كذلك بقاء (٣). وذلك لصدق نقض اليقين بالشكّ على رفع اليد عنه والعمل كما إذا قطع بارتفاعه يقينا ، ووضوح عدم دخل أثر الحالة السابقة ثبوتا فيه وفي تنزيلها بقاء.
فتوهّم «اعتبار الأثر سابقا ، كما ربما يتوهّمه الغافل من اعتبار كون المستصحب حكما أو ذا حكم» ، فاسد قطعا ، فتدبّر جيّدا.
[التنبيه] الحادي عشر : [أصالة تأخّر الحادث]
لا إشكال في الاستصحاب فيما كان الشكّ في أصل تحقّق حكم أو موضوع (٤).
وأمّا إذا كان الشكّ في تقدّمه وتأخّره بعد القطع بتحقّقه وحدوثه في زمان :
فإن لوحظ بالإضافة إلى أجزاء الزمان (٥) فكذا لا إشكال في استصحاب عدم
__________________
(١) أي : حدوثا.
(٢) في التنبيه الثامن.
(٣) كما إذا علمنا بموت الوالد وشككنا في حياة ولده ، فيجوز استصحاب حياة الولد ، وإن لم يكن أثر لحياته حال حياة الوالد ، بل يترتّب الأثر على حياته بعد موت الوالد ـ وهو حال استصحاب حياة الولد ـ ، فينتقل أموال الوالد إليه بالإرث.
(٤) كما لا إشكال في جريانه فيما إذا كان الشكّ في ارتفاع حكم أو موضوع بعد العلم بتحقّقه.
(٥) مثاله : ما إذا علم يوم الجمعة بأنّ زوجته خرجت عن النشوز ، ولكن لم يعلم أنّ خروجها عن النشور حدث في يوم الخميس أو حدث في يوم الجمعة ، فهل يجري استصحاب عدم خروجها عن النشوز إلى يوم الجمعة فلا تشتغل ذمّته بنفقة يوم الخميس ، أو لا يجري؟