ولا يخفى : اعتبار الفحص في التخيير العقليّ أيضا بعين ما ذكر في البراءة ، فلا تغفل.
[حكم العمل بالبراءة قبل الفحص]
ولا بأس بصرف الكلام في بيان بعض ما للعمل بالبراءة قبل الفحص من التبعة والأحكام.
أمّا التبعة : فلا شبهة في استحقاق العقوبة على المخالفة (١) فيما إذا كان ترك التعلّم والفحص مؤدّيا إليها ، فإنّها وإن كانت مغفولة حينها وبلا اختيار ، إلّا أنّها منتهية إلى الاختيار (٢) ، وهو (٣) كاف في صحّة العقوبة ؛ بل مجرّد تركهما كاف في
__________________
ـ ما اذ علمنا بأصل الواجبات والمحرّمات ، لا بعناوينها الخاصّة. فتدلّ الآيات والروايات على وجوب التعلّم بالنسبة إلى عناوينها الخاصّة مقدّمة للامتثال فيما إذا علمنا إجمالا بتعلّق التكاليف نحو أفعال وتروك. وعليه فلا يكون مورد التوبيخ والمؤاخذة في الآيات والأخبار هو الشبهة البدويّة كي يقيّد بها إطلاق أدلّة البراءة ويثبت به وجوب الفحص في الشبهة البدويّة ، بل موردهما هو الشبهة المقرونة بالعلم الإجماليّ بتعلّق تكاليف نحو أفعال وتروك.
ولكن لا يخفى : أنّ حمل الآيات والأخبار على ما ذكر غير موجّه ، بل صريح الأخبار ـ كرواية مسعدة بن زياد ـ أنّ مورد التوبيخ هو ترك التعلّم فيما لم يعلم أصلا ، لا ترك التعلّم فيما لم يعلم العناوين الخاصّة ولو علم أصل التكليف إجمالا.
(١) أي : مخالفة الواقع.
(٢) الضمير في قوله : «إليها» و «فإنّها» و «حينها» و «أنّها» راجع إلى المخالفة.
والوجه في انتهاء المخالفة إلى الاختيار أنّه كان قادرا على التعلّم والفحص عن الحكم ، فترك التعلّم والفحص اختيارا ، فيؤدّي إلى مخالفة الواقع.
وأورد عليه المحقّق الأصفهانيّ بأنّ عدم التمكّن من الانبعاث بالبعث الواقعيّ مستند إلى الغفلة عن التكليف ، لكن الغفلة مستندة إلى ترك التحفّظ ، لا إلى ترك الفحص ، والتحفّظ غير لازم في صورة العلم بالتكليف فضلا عن احتماله ، فكيف يعاقب عليه؟. نهاية الدراية ٢ : ٧٢٧ ـ ٧٢٨.
(٣) أي : الانتهاء إلى الاختيار.