الثاني : [حكم الجزء أو الشرط المتروك نسيانا]
أنّه لا يخفى أنّ الأصل فيما إذا شكّ في جزئيّة شيء أو شرطيّته في حال نسيانه عقلا ونقلا (١) ما ذكر في الشكّ في أصل الجزئيّة أو الشرطيّة ؛ فلو لا مثل حديث الرفع مطلقا و «لا تعاد» في الصلاة (٢) لحكم عقلا بلزوم إعادة ما اخلّ بجزئه أو شرطه نسيانا ، كما هو الحال فيما ثبت شرعا جزئيّته أو شرطيّته مطلقا ، نصّا (٣) أو إجماعا (٤).
ثمّ لا يذهب عليك (٥) : أنّه كما يمكن رفع الجزئيّة أو الشرطيّة في هذا الحال
__________________
ـ تفصيل كلامه في دراسات في الاصول ٣ : ٤٣٦ ـ ٤٤٦.
(١) قيدان لقوله : «الأصل».
(٢) أي : ومثل حديث لا تعاد في الصلاة. وإليك نصّ الحديث : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود». تهذيب الأحكام ٢ : ١٦١ ، الحديث ٥٩٧ ؛ وسائل الشيعة ١ : ٢٦٠ ، الباب ٣ من أبواب الوضوء ، الحديث ٨.
(٣) كالخمسة المستثناة في حديث «لا تعاد».
(٤) كتكبيرة الإحرام ، فإنّها ممّا قام الإجماع على اعتباره ، ويعمّ معقده جميع الحالات.
(٥) لا يخفى : أنّ ما أفاده المصنّف قدسسره بقوله : «ثمّ لا يذهب عليك» تعريض بالشيخ الأعظم الأنصاريّ. وتوضيح وجه التعريض موقوف على بيان محلّ البحث وذكر ما ذهب إليه الشيخ الأعظم وإيضاح ما أفاده المصنّف قدسسره في المقام.
أمّا محلّ البحث : فهو في أنّه إذا ثبت جزئيّة شيء أو شرطيّته ودار الأمر بين كون الجزئيّة مطلقة ليبطل العمل بفقدانه ولو في حال النسيان وبين كونها مختصّة بحال الذكر ليختصّ البطلان بصورة تركه عمدا ، فهل القاعدة تقتضي الإطلاق ما لم يثبت التقييد بدليل خاصّ أو تقتضي الاختصاص بحال الذكر ما لم يثبت الإطلاق بدليل خاصّ؟ ومنشأ النزاع أنّه هل يمكن تعلّق التكليف وتوجيه الخطاب بالناقص إلى الناسي ، فيصر الواجب ما عدا الجزء أو الشرط المنسيّ ، ولا يجب إعادته بعد التذكّر ، أو لا يمكن توجيه التكليف إليه كذلك ، بل التكليف ساقط عنه وإذا التفت وجب عليه إعادة المأمور به؟
ذهب الشيخ الأعظم إلى استحالة تعلّق التكليف بالناسي بعنوان الناسي. واستدلّ عليه بأنّ الناسي لا يمكن أن يلتفت إلى نسيانه في حال النسيان ، بل بمجرّد الالتفات إلى نسيانه يزول النسيان وينقلب إلى الذاكر. وبما أنّ التكليف إليه لا يمكن أن يكون باعثا ومحرّكا للعبد نحو ـ