قطعا (١) ، وإلّا لم تحرم مخالفته كذلك أيضا (٢).
ومنه (٣) ظهر : أنّه لو لم يعلم فعليّة التكليف مع العلم به إجمالا ـ إمّا من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه (٤) ، أو من جهة الاضطرار إلى بعضها معيّنا أو
__________________
(١) وفي بعض النسخ : «لوجب موافقته قطعا». والأولى ما أثبتناه.
(٢) ولعلّ هذا الكلام أيضا تعريض بالشيخ الأعظم ، حيث اختار جواز ترك الموافقة الفعليّة بدعوى أنّ للشارع أن يقنع بالموافقة الاحتماليّة وأن يرخّص في بعض أطراف الشبهة بعد جعل البدل ـ كما في فرائد الاصول ٢ : ٢٠٤ ـ أو بدون جعل البدل ـ كما نقله المحقّق الآشتيانيّ في بحر الفوائد ٢ : ٨٨ ـ ٨٩ ـ.
وتوضيح المقام يتوقّف على بيان ما أفاده الشيخ الأعظم أوّلا ، وإيراد المصنّف قدسسره عليه ثانيا.
أمّا الشيخ الأعظم : فحاصل ما أفاده أنّ للشارع أن يكتفي في مقام الامتثال بترك أحد الطرفين ، بأن يجعل الطرف الآخر بدلا عن الحرام الواقعيّ إذا كان ما ارتكبه نفس المحرّم الواقعيّ المعلوم بالإجمال ، فله أن يقول للعبد : «إنّني أقنع منك بترك بعض الأطراف وأبيح لك الأطراف الأخر». وعليه فيجوز ترك الموافقة القطعيّة والاكتفاء بالموافقة الاحتماليّة في بعض موارد العلم الإجماليّ. هذا ما يظهر من كلامه في فرائد الاصول ٢ : ٢٠٤.
ونقل المحقّق الآشتيانيّ عن الشيخ أنّه اختار في مجلس درسه جواز ترخيص الشارع في بعض الأطراف من دون جعل بدل. راجع بحر الفوائد ٢ : ٨٨ ـ ٨٩.
وأمّا المصنّف قدسسره : فأورد عليه بأنّه لا تنفكّ حرمة المخالفة القطعيّة عن وجوب الموافقة القطعيّة ، ضرورة أنّه إذا كان الحكم الواقعيّ المعلوم بالإجمال فعليّا من جميع الجهات ـ بحيث تتعلّق إرادة المولى به على كلّ تقدير ـ يمتنع جعل الحكم الظاهريّ على خلافه في تمام الأطراف أو في بعضها ، فتجب موافقته كما تحرم مخالفته. وإذا لم يكن فعليّا من جميع الجهات فلا مانع من جعل الحكم الظاهريّ على خلافه في بعض الأطراف أو في جميعها ، فجازت مخالفته القطعيّة ولم تجب موافقته كذلك.
وأورد على جعل البدل كثير من المتأخّرين ، منهم المحقّق العراقيّ والمحقّق الاصفهانيّ والسيّد الإمام الخمينيّ. فراجع نهاية الأفكار ٣ : ٣١٣ ـ ٣١٤ ، مقالات الاصول ٢ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، نهاية الدراية ٢ : ٥٨٦ ـ ٥٨٧ ، أنوار الهداية ٢ : ٣٠٦.
(٣) أي : ممّا ذكرنا من أنّ المناط في وجوب الموافقة القطعيّة بالاحتياط في أطراف العلم الإجماليّ هو كون المعلوم بالإجمال تامّ الفعليّة ، سواء كانت أطرافه محصورة أو غير محصورة.
(٤) كما إذا علم بحرمة إحدى الامرأتين ، إحداهما في بلده وثانيتهما في أقصى بلاد الدنيا مع عدم ابتلائه بها عادة.