درس کفایة الاصول - اصول عملیه و تعارض

جلسه ۳۰: اصل اشتغال ۴

 
۱

خطبه

۲

صور تکلیف معلوم بالاجمال

تکلیف معلوم بالاجمال، دو صورت دارد:

۱. گاهی فعلی من جمیع الجهات نیست، چون علم به فعلیت تکلیف وجود ندارد بخاطر مانع، در این صورت موافقت قطعیه واجب نیست.

بعضی از موانع عبارتند از:

الف: مکلف مبتلا به بعض الاطراف نیست.

مثلا اجمال می‌دانیم ظرف جلوی من نجس است یا ظرفی که در نیروگاه هسته‌ای بوشهر است، اما ظرف در نیروگاه محل ابتلاء من نیست و این کنار می‌رود و من می‌مانم با یک ظرف که شک بدوی است.

ب: مکلف مضطر به بعض الاطراف است.

مثلا دو ظرف است که یکی می‌دانید خمر است اجمالا، یکی را فرد مضطر می‌شود و می‌خورد و نسبت به ظرف باقی مانده شک بدوی است.

ج: مکلف علم به موضوع تکلیف ندارد بالفعل.

مثلا یک خانمی است که یک ماه پشت سر هم خون استحاضه می‌بیند و این خانم در ماه چند روز حیض می‌شود و این مکلف می‌داند در طول ماه چند روز حائض است اما علم فعلی به آن ندارد و این روزها را باید خون استحاضه بگیرد.

۲. گاهی فعلی من جمیع الجهات است، در این صورت موافقت قطعیه واجب است مطلقا، اعم از آنکه اطراف در عرض هم باشند یا در طول هم.

مثلا دو ظرف جلوی شما است که یکی را می‌دانید خمر است اجمالا در اینجا تلکیف وجوب اجتناب، فعلی از تمام جهات است و این دو فرد در عرض هم هستند و بالفعل جلوی ما است.

و مثلا فردی نذر می‌کند که روز جمعه روزه بگیرد اما نمی‌داند روز جمعه فردا است یا پس فردا، در اینجا این تکلیف فعلی من جمیع الجهات است که در اینجا در طول یکدیگر هستند و موافقت قطعیه واجب و مخالفت قطعیه حرام است، وجوب روزه فردا که مشکلی نیست و نسبت به روزه پس فردا، مشکلی نیست چون واجب معلق است و وجوب الان می‌آید و واجب بعد.

۳

تنبیه اول

اضطرار به بعض الاطراف مانع از علم به فعلیت تکلیف است مطلقا. مطلقا یعنی:

۱. اعم از اینکه اضطرار به بعض معین باشد یا به بعض غیر معین باشد (خلافاً للشیخ).

مثلا دو لیوان است که یکی آبمیوه و یکی آب است و اجمالا می‌دانید یکی نجس است، و برای تقویت اضطرار به آبمیوه است و این را می‌خورد، حال نسبت به ظرف آب، علم اجمالی ندارد.

یا مثلا دو لیوان آب است و اجمال می‌دانید یکی نجس است و مضطر به یکی غیر معین است و آن را که بخورد، نسبت به دیگری، علم نیست.

دلیل: با اضطرار علم به فعلیت تکلیف نسبت به طرف غیر مضطر الیه باقی نمی‌ماند.

۲. اعم از اینکه علم اجمالی اضطراری قبل از علم اجمالی یا با علم اجمالی یا بعد از علم اجمالی ایجاد شود (خلافا للشیخ).

مثلا اول علم اجمالی به نجاست یکی از دو لیوان پیدا می‌کند و بعد اضطرار می‌آید.

یا مثلا اول مضطر می‌شود یکی از دو لیوان را بخورد و بعد علم اجمالی حاصل می‌شود یکی نجس است.

یا مثلا همزمان با علم اجمالی، اضطرار حاصل می‌شود.

در هر سه صورت، نسبت با باقیمانده علمی نیست.

دلیل: با اضطرار علم به فعلیت تکلیف نسبت به طرف غیر مضطر الیه باقی نمی‌ماند یا پیدا نمی‌شود.

۴

اشکال

اشکال: صغری: اضطرار مثل فقد بعض الاطراف است.

مثلا دو ظرف است که اجمالا می‌داند یکی نجس است، اگر یکی از دو ظرف گم شد، صاحب کفایه می‌گوید باید احتیاط کند.

کبری: در فقد بعض الاطراف احتیاط واجب است طبق نظریه صاحب کفایه.

نتیجه: در اضطرار احتیاط واجب است طبق نظریه صاحب کفایه.

۵

تطبیق صور تکلیف معلوم بالاجمال

ومنه (ملاک در وجوب احتیاط، فعلی بودن تکلیف معلوم بالاجمال در جمیع جهات است) ظهر: أنّه لو لم يعلم فعليّة التكليف مع العلم به (تکلیف) إجمالا ـ إمّا من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه (علم)، أو من جهة الاضطرار إلى بعضها (اطراف) معيّنا أو مردّدا، أو من جهة تعلّقه (تکلیف معلوم بالاجمال) بموضوع (مثل حائض) يقطع بتحقّقه (موضوع) إجمالا في هذا الشهر، كأيّام حيض المستحاضة مثلا ـ (جواب لو:) لما وجبت موافقته (تکلیف) بل جازت مخالفته (تکلیف).

و (عطف بر انه است) أنّه لو علم فعليّته (تکلیف از جمیع جهات) ولو كان (تکلیف) بين أطراف تدريجيّة (مثل جمعه که یا فردا می‌آید یا پس فردا) لكان منجّزا ووجبت موافقته (تکلیف)، فإنّ التدرّج لا يمنع عن الفعليّة، ضرورة أنّه كما يصحّ التكليف بأمر حاليّ كذلك يصحّ بأمر استقباليّ، كالحجّ في الموسم للمستطيع، فافهم (موضوع تکلیف حائض نیست بلکه نساء است).

۶

تطبیق تنبیه اول

تنبيهات

[حول المقام الأوّل]

الأوّل: [مانعيّة الاضطرار إلى بعض الأطراف عن فعليّة الحكم المعلوم]

انّ الاضطرار كما يكون مانعا عن العلم بفعليّة التكليف لو كان إلى واحد معيّن، كذلك يكون (اضطرار) مانعا (از علم به فعلیت) لو كان إلى غير معيّن، (علت مانعا:) ضرورة أنّه مطلقا موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف أو تركه (احد الاطراف) تعيينا أو تخييرا، وهو (جواز) ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا.

قطعا (١) ، وإلّا لم تحرم مخالفته كذلك أيضا (٢).

ومنه (٣) ظهر : أنّه لو لم يعلم فعليّة التكليف مع العلم به إجمالا ـ إمّا من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه (٤) ، أو من جهة الاضطرار إلى بعضها معيّنا أو

__________________

(١) وفي بعض النسخ : «لوجب موافقته قطعا». والأولى ما أثبتناه.

(٢) ولعلّ هذا الكلام أيضا تعريض بالشيخ الأعظم ، حيث اختار جواز ترك الموافقة الفعليّة بدعوى أنّ للشارع أن يقنع بالموافقة الاحتماليّة وأن يرخّص في بعض أطراف الشبهة بعد جعل البدل ـ كما في فرائد الاصول ٢ : ٢٠٤ ـ أو بدون جعل البدل ـ كما نقله المحقّق الآشتيانيّ في بحر الفوائد ٢ : ٨٨ ـ ٨٩ ـ.

وتوضيح المقام يتوقّف على بيان ما أفاده الشيخ الأعظم أوّلا ، وإيراد المصنّف قدس‌سره عليه ثانيا.

أمّا الشيخ الأعظم : فحاصل ما أفاده أنّ للشارع أن يكتفي في مقام الامتثال بترك أحد الطرفين ، بأن يجعل الطرف الآخر بدلا عن الحرام الواقعيّ إذا كان ما ارتكبه نفس المحرّم الواقعيّ المعلوم بالإجمال ، فله أن يقول للعبد : «إنّني أقنع منك بترك بعض الأطراف وأبيح لك الأطراف الأخر». وعليه فيجوز ترك الموافقة القطعيّة والاكتفاء بالموافقة الاحتماليّة في بعض موارد العلم الإجماليّ. هذا ما يظهر من كلامه في فرائد الاصول ٢ : ٢٠٤.

ونقل المحقّق الآشتيانيّ عن الشيخ أنّه اختار في مجلس درسه جواز ترخيص الشارع في بعض الأطراف من دون جعل بدل. راجع بحر الفوائد ٢ : ٨٨ ـ ٨٩.

وأمّا المصنّف قدس‌سره : فأورد عليه بأنّه لا تنفكّ حرمة المخالفة القطعيّة عن وجوب الموافقة القطعيّة ، ضرورة أنّه إذا كان الحكم الواقعيّ المعلوم بالإجمال فعليّا من جميع الجهات ـ بحيث تتعلّق إرادة المولى به على كلّ تقدير ـ يمتنع جعل الحكم الظاهريّ على خلافه في تمام الأطراف أو في بعضها ، فتجب موافقته كما تحرم مخالفته. وإذا لم يكن فعليّا من جميع الجهات فلا مانع من جعل الحكم الظاهريّ على خلافه في بعض الأطراف أو في جميعها ، فجازت مخالفته القطعيّة ولم تجب موافقته كذلك.

وأورد على جعل البدل كثير من المتأخّرين ، منهم المحقّق العراقيّ والمحقّق الاصفهانيّ والسيّد الإمام الخمينيّ. فراجع نهاية الأفكار ٣ : ٣١٣ ـ ٣١٤ ، مقالات الاصول ٢ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، نهاية الدراية ٢ : ٥٨٦ ـ ٥٨٧ ، أنوار الهداية ٢ : ٣٠٦.

(٣) أي : ممّا ذكرنا من أنّ المناط في وجوب الموافقة القطعيّة بالاحتياط في أطراف العلم الإجماليّ هو كون المعلوم بالإجمال تامّ الفعليّة ، سواء كانت أطرافه محصورة أو غير محصورة.

(٤) كما إذا علم بحرمة إحدى الامرأتين ، إحداهما في بلده وثانيتهما في أقصى بلاد الدنيا مع عدم ابتلائه بها عادة.

مردّدا (١) ، أو من جهة تعلّقه بموضوع يقطع بتحقّقه إجمالا في هذا الشهر ، كأيّام حيض المستحاضة مثلا (٢) ـ لما وجبت موافقته بل جازت مخالفته.

وأنّه (٣) لو علم فعليّته ولو كان بين أطراف تدريجيّة لكان منجّزا ووجبت موافقته ، فإنّ التدرّج لا يمنع عن الفعليّة ، ضرورة أنّه كما يصحّ التكليف بأمر حاليّ كذلك يصحّ بأمر استقباليّ ، كالحجّ في الموسم للمستطيع ، فافهم (٤).

__________________

(١) أمّا الاضطرار إلى أحد الأطراف معيّنا فكما إذا كان في أحد الإنائين المشتبهين ماء وفي الآخر ماء الرمّان ، واضطرّ إلى شرب ماء الرّمان للتداوي.

وأمّا الاضطرار إليه مردّدا فكما إذا علم بنجاسة أحد الماءين ، واضطرّ إلى شرب أحدهما لرفع العطش.

(٢) أي : كالمرأة الّتي ترى الدم من أوّل الشهر إلى آخره مستمرّا وتعلم بأنّ الدم في إحدى ثلاثة أيّام متوالية من الشهر دم حيض وفي غيرها استحاضة ، فإنّه لا يجب عليها وعلى زوجها ترتيب أحكام الحيض في أيّام الشهر ، إذ تعلّق علمها الإجماليّ بموضوع يقطع بتحقّقه إجمالا في هذا الشهر ولم تعلم أنّه فيما مضى أو في الحال أو فيما يأتي ، وهذا يمنع عن فعليّة العلم الإجماليّ.

(٣) أي : وممّا ذكرنا يظهر أنّه ...

(٤) لا يخفى : أنّ في قوله : «أطراف تدريجيّة» وجوه :

الأوّل : أن يكون المراد منه كون الأطراف ممّا ينطبق على قطعة من الزمان ، في قبال ما لا ينطبق على قطعة من الزمان ، بل يكون آنيّ الحصول. وعليه يكون معنى العبارة : «أنّ التكليف المعلوم إجمالا لو كان تامّ الفعليّة لكان منجّزا ووجبت موافقته مطلقا ، سواء كان تمام أطرافه أو بعضها من الامور الزمانيّة الّتي لا تتحقّق إلّا بعد مضيّ قطعة من الزمان أو كان تمامها أو بعضها من الامور الآنيّة الحصول».

الثاني : أن يكون المراد من الأطراف التدريجيّة هو الامور الّتي يتمكّن المكلّف من إيجادها في زمان واحد ، في قبال الامور الّتي لا يتمكّن المكلّف من إتيانها إلّا شيئا فشيئا في أزمنة متعدّدة. وعليه يكون معنى العبارة : «لو علم فعليّة التكليف لكان منجّزا ووجبت موافقته مطلقا ، سواء كانت أطراف العلم الإجماليّ من الامور الّتي يتمكّن المكلّف من إيجادها في زمان واحد كشرب الماءين المشتبهين أو النظر إلى المرأتين المشتبهين ، أو كانت من الامور الّتي لا يتمكّن من إيجادها إلّا في أزمنة متعدّدة كوطى المرأتين المشتبهين».

الثالث : أن يكون المراد من الأطراف التدريجيّة ما إذا كانت الأطراف ـ تمامها أو بعضها ـ من الامور المستقبلة الّتي لا تقدر المكلّف على ارتكابها في الحال ، في قبال ما إذا كانت ـ

تنبيهات

[حول المقام الأوّل]

الأوّل : [مانعيّة الاضطرار إلى بعض الأطراف عن فعليّة الحكم المعلوم]

انّ الاضطرار كما يكون مانعا عن العلم بفعليّة التكليف لو كان إلى واحد معيّن ، كذلك يكون مانعا لو كان إلى غير معيّن ، ضرورة أنّه (١) مطلقا موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف (٢) أو تركه (٣) تعيينا أو تخييرا (٤) ، وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا.

وكذلك لا فرق (٥) بين أن يكون الاضطرار كذلك (٦) سابقا على حدوث العلم

__________________

ـ الأطراف من الامور الّتي تقدر المكلّف على ارتكابها في الحال.

والتحقيق : أنّ مراد المصنّف قدس‌سره من العبارة هو الوجه الثالث.

وتوضيحه : أنّه لو علم فعليّة التكليف لكان منجّزا ووجبت موافقته ، سواء كانت أطراف العلم الإجماليّ ممّا يتمكّن المكلّف من ارتكابها أيّها شاء في الحال ، فيتعلّق التكليف بها في الحال ، كما إذا علم بحرمة وطء إحدى المرأتين في هذا اليوم أو علم بحرمة شرب أحد الماءين في الحال ، أو كان بعضها ممّا يمكن للمكلّف إرادة ارتكابه في الحال وبعض آخر ممّا يمكن له إرادة ارتكابه في المستقبل ، كما إذا علم بتعلّق النذر بإعطاء درهم إلى الفقير في أحد اليومين من الأحد والاثنين ، وكذا علم بتعلّق العهد بترك إعطائه إلى الفقير في أحد اليومين من الأحد والاثنين ، فلا يعلم أنّ إعطاء الدرهم واجب في يوم الأحد وحرام في الاثنين أو بالعكس ، ومعلوم أنّ أحد العطاءين ـ وهو العطاء في يوم الاثنين ـ أمر استقباليّ لا يتمكّن المكلّف من إرادة فعله في الحال ـ أي في يوم الأحد ـ. والوجه في التنجّز أنّ التدرّج لا يمنع عن فعليّة التكليف المعلوم التامّ الفعليّة ، ضرورة أنّ التكليف كما يصحّ تعلّقه بأمر حاليّ كذلك يصحّ تعلّقه بأمر استقباليّ ، كالحج في الموسم للمستطيع.

وما ذكره المصنّف قدس‌سره في فوائده من المثال يؤيّد حمل كلامه على الوجه الثالث. فراجع فوائد الاصول (للمصنّف) : ٩٧.

(١) أي : الاضطرار.

(٢) في الشبهة التحريميّة.

(٣) في الشبهة الوجوبيّة.

(٤) أمّا تعيينا : ففي الاضطرار إلى المعيّن. وأمّا تخييرا : ففي الاضطرار إلى غير المعيّن.

(٥) في عدم تنجيز العلم الإجماليّ.

(٦) أي : تعيينا أو تخييرا.

أو لاحقا ، وذلك لأنّ التكليف المعلوم بينها من أوّل الأمر كان محدودا بعدم عروض الاضطرار (١) إلى متعلّقة (٢) ، فلو عرض على بعض أطرافه لما كان التكليف به معلوما ، لاحتمال أن يكون هو (٣) المضطرّ إليه فيما كان الاضطرار إلى المعيّن أو يكون هو المختار فيما كان إلى بعض الأطراف بلا تعيين (٤).

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ. ولكن لا تساعد عليه اللغة. والصحيح أن يقول : «عدم عرض الاضطرار».

(٢) لا يخفى : أنّ ذلك إنّما يتمّ فيما كان الاضطرار إلى أحدهما لا بعينه ، وأمّا لو كان إلى أحدهما المعيّن فلا يكون بمانع عن تأثير العلم للتنجّز ، لعدم منعه عن العلم بفعليّة التكليف المعلوم إجمالا المردّد بين أن يكون التكليف المحدود في ذلك الطرف أو المطلق [أي : المستمرّ] في الطرف الآخر ، ضرورة عدم ما يوجب عدم فعليّة مثل هذا المعلوم أصلا ، وعروض الاضطرار إنّما يمنع عن فعليّة التكليف لو كان في طرف معروضه بعد عروضه ، لا عن فعليّة المعلوم بالإجمال المردّد بين التكليف المحدود في طرف المعروض والمطلق في الآخر بعد العروض. وهذا بخلاف ما إذا عرض الاضطرار إلى أحدهما لا بعينه ، فإنّه يمنع عن فعليّة التكليف في البين مطلقا ، فافهم وتأمّل. منه [أعلى الله مقامه].

(٣) أي : المكلّف به.

(٤) توضيح ما أفاده : أنّه لو اضطرّ المكلّف إلى بعض أطراف العلم الإجماليّ فتارة يكون الاضطرار إلى طرف معيّن ، واخرى يكون الاضطرار إلى غير معيّن. وعلى كلا التقديرين تارة يحصل الاضطرار قبل العلم الإجماليّ ، واخرى يحصل بعد العلم الإجماليّ ، وثالثة يحصل مقارنا للعلم الإجماليّ. وعلى جميع التقادير تارة يكون الاضطرار بعد تعلّق التكليف ، واخرى يكون قبله ، فللمسألة صور :

الاولى : أن يحصل الاضطرار إلى طرف معيّن قبل التكليف وقبل العلم الإجماليّ به ، كما لو اضطرّ إلى شرب أحد الماءين مثلا ، ثمّ علم بوقوع النجاسة في أحدهما بعد الاضطرار.

الثانية : أن يحدث الاضطرار إلى طرف معيّن بعد تعلّق التكليف بأحدها وقبل العلم الإجماليّ به ، كما إذا كان أحد الماءين نجسا في الواقع ، ولكنّه لم يكن عالما به ، فاضطرّ إلى شرب أحدهما ثمّ علم بأنّ أحدهما كان نجسا قبل الاضطرار.

الثالثة : أن يحدث الاضطرار إلى طرف معيّن بعد التكليف وبعد العلم به ، كما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد المائعين ، فاضطرّ إلى شرب أحدهما لرفع العطش.

الرابعة : أن يحصل الاضطرار إلى واحد معيّن مقارنا للعلم الإجماليّ ، كما لو أصاب النجس أحد الإنائين في الساعة الاولى ، وحصل له العلم بذلك في الساعة الثانية مقارنا ـ

لا يقال : الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس إلّا كفقد بعضها ؛ فكما لا إشكال

__________________

ـ للاضطرار إلى شرب أحدهما المعيّن.

الخامسة والسادسة والسابعة : أن يحدث الاضطرار إلى غير المعيّن قبل العلم الإجماليّ أو بعده أو مقارنا له. وأمثلتها واضحة.

هذه رءوس الصور المتصوّرة في المقام. ويتّضح حكم غيرها بعد بيان حكم هذه الصور.

ذهب المصنّف قدس‌سره إلى أنّ الاضطرار مانع عن تنجيز العلم الإجمالي في جميع الصور ، فلا يجب في الصور كلّها الاجتناب عن الأطراف الأخر.

نعم ، كلماته في حكم الصورة الثالثة مضطربة ، فذهب في متن الكتاب وفوائد الاصول : ٩٥ إلى عدم تنجيز العلم الإجماليّ في هذه الصورة أيضا. وعدل عنه في هامش الكتاب ـ كما مرّ ـ والتزم ببقاء التنجيز في الطرف غير المضطرّ إليه.

واستدلّ على مدّعاه في متن الكتاب بأنّ تنجّز التكليف يدور مدار المنجّز حدوثا وبقاء ، والمفروض أنّ المنجّز هو العلم الإجماليّ بالتكليف الفعليّ ، وهو ينتفي بطروء الاضطرار ، لأنّ الاضطرار من حدود التكليف المعلوم بين الأطراف ، بمعنى أنّه مشروط من أوّل الأمر بعدم طروء الاضطرار إلى متعلّقه ، فلو عرض الاضطرار إلى بعض أطرافه ينتفي العلم بالتكليف الفعليّ المنجّز ، وإذا انتفى العلم به ينتفي التكليف المنجّز ، ولا مقتضي لوجوب الاجتناب عن سائر الأطراف.

وأمّا في الهامش فقرّب التنجيز في الطرف غير المضطرّ إليه بأنّ العلم الإجماليّ تعلّق بالتكليف المردّد بين المحدود والمطلق ، لأنّ التكليف في أحد الطرفين ـ وهو المضطرّ إليه ـ محدود بطروء الاضطرار ، وهو في الطرف الآخر ـ على تقدير ثبوته ـ مطلق ومستمرّ ، فيكون المقام من قبيل تعلّق العلم الإجماليّ بالتكليف المردّد بين القصير والطويل ، نظير ما إذا علم بوجوب الجلوس في هذا المسجد ساعة أو في ذلك المسجد ساعتين. وحينئذ يكون الاضطرار إلى طرف معيّن موجبا لانتهاء التكليف في ذلك الطرف بانتهاء أمده لأجل الاضطرار ، وهذا لا يوجب انتهائه في الطرف الآخر.

واختار الشيخ الأعظم الأنصاريّ تنجيز العلم الإجماليّ في هذه الصورة والصور الخامسة والسادسة والسابعة. وتبعه المحقّقون : النائينيّ والعراقيّ والحائريّ والخمينيّ والخوئيّ. فراجع فرائد الاصول ٢ : ٤٢٥ ، فوائد الاصول ٤ : ٩٤ ـ ١٠٢ ، مقالات الاصول ٢ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، أنوار الهداية ٢ : ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، الهداية في الاصول ٣ : ٣٩٧ و ٤٠١ ، درر الفوائد ٢ : ١١٩.

واتّفقوا أيضا على عدم التنجيز في الصورة الرابعة. ولعلّه لم يذكره المصنّف قدس‌سره في المقام. فراجع فوائد الاصول ٤ : ٩٥ ، نهاية الأفكار ٣ : ٣٥٠ ، أجود التقريرات ٢ : ٢٦٦ ، أنوار الهداية ٢ : ٢٠٩ ، مصباح الاصول ٢ : ٣٦٣ ، وغيرها من المطوّلات.

في لزوم رعاية الاحتياط في الباقي مع الفقدان ، كذلك لا ينبغي الإشكال في لزوم رعايته مع الاضطرار ، فيجب الاجتناب عن الباقي أو ارتكابه خروجا عن عهدة ما تنجّز عليه قبل عروضه.

فإنّه يقال : حيث إنّ فقد المكلّف به ليس من حدود التكليف به وقيوده ، كان التكليف المتعلّق به مطلقا ، فإذا اشتغلت الذمّة به كان قضيّة (١) الاشتغال به يقينا الفراغ عنه كذلك ، وهذا بخلاف الاضطرار إلى تركه (٢) ، فإنّه من حدود التكليف به وقيوده ، ولا يكون الاشتغال به من الأوّل إلّا مقيّدا بعدم عروضه (٣) ، فلا يقين باشتغال الذمّة بالتكليف به إلّا إلى هذا الحدّ ، فلا يجب رعايته فيما بعده ، ولا يكون إلّا من باب الاحتياط في الشبهة البدويّة ، فافهم وتأمّل ، فإنّه دقيق جدّا (٤).

الثاني : [شرطيّة الابتلاء بتمام الأطراف في تنجيز العلم الإجماليّ] (٥)

أنّه لمّا كان النهي عن الشيء (٦) إنّما هو لأجل أن يصير داعيا للمكلّف نحو

__________________

(١) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «كانت قضيّة ...».

(٢) أو إلى ارتكابه.

(٣) أي : عدم طروء الاضطرار.

(٤) وأورد السيّد الإمام الخمينيّ على ما أفاده في كلّ من المتن والهامش. فراجع أنوار الهداية ٢ : ٢١٢ ـ ٢١٣.

(٥) لا يخفى : أنّه لا ريب في اعتبار القدرة العقليّة على جميع أطراف العلم الإجماليّ في منجّزيّته واستحقاق العقوبة على مخالفته. وانّما الكلام في أنّه هل يعتبر في توجّه الخطاب إلى المكلّف وتنجّزه إمكان الابتلاء عادة بجميع الأطراف أم لا يعتبر؟

ذهب بعضهم إلى اعتباره في خصوص النهي والشبهات التحريميّة دون الأمر والشبهات الوجوبيّة ، كالشيخ الأعظم والمحقّق النائينيّ. فراجع فرائد الاصول ٢ : ٢٣٣ ، فوائد الاصول ٤ : ٥١.

وذهب بعض آخر ـ كالمصنّف قدس‌سره في المقام والمحقّق العراقيّ ـ إلى اعتباره في النهي والأمر. راجع ما يأتي في حاشية الكتاب ، ونهاية الأفكار ٣ : ٣٣٨.

وذهب بعض آخر ـ كالمحقّق الاصفهانيّ والسيّدين العلمين : الخوئيّ والخمينيّ ـ إلى عدم اعتباره أصلا. راجع نهاية الدراية ٢ : ٦٠١ ، مصباح الاصول ٢ : ٣٩٥ ، أنوار الهداية ٢ : ٢١٤ ـ ٢١٩.

(٦) كما أنّه إذا كان فعل الشيء الّذي كان متعلّقا لغرض المولى ممّا لا يكاد عادة أن يتركه ـ