والالتزام التفصيليّ بأحدهما لو لم يكن تشريعا محرّما لما نهض على وجوبه دليل قطعا(١).
[الفرق بين المقام وبين الخبرين المتعارضين]
وقياسه بتعارض الخبرين الدالّ أحدهما على الحرمة والآخر على الوجوب باطل ، فإنّ التخيير بينهما على تقدير كون الأخبار حجّة من باب السببيّة يكون على القاعدة ومن جهة التخيير بين الواجبين المتزاحمين (٢) ، وعلى تقدير أنّها (٣)
__________________
ـ تجب موافقتها عملا ، والحكم بإباحة كلّ من الترك والفعل ظاهرا ينافي الالتزام القلبىّ بما هو معلوم عند المكلّف من الحكم الواقعيّ الدائر بين الوجوب والحرمة ، فلا تجري أصالة الحلّ في المقام.
وتوضيح الدفع : أنّه قد عرفت في الأمر الخامس من مباحث القطع عدم وجوب الموافقة الالتزاميّة ، ضرورة عدم دليل عقليّ ولا نقليّ على لزوم الإطاعة الاعتقاديّة. مضافا إلى أنّه لا منافاة بين وجوب الموافقة الالتزاميّة وبين جريان أصالة الحلّ ، لإمكان الالتزام القلبيّ الإجماليّ بالحكم الواقعيّ على ما هو عليه وإن لم يعلم بشخصه فعلا.
(١) هذا جواب عن إشكال مقدّر :
توضيح الإشكال : أنّ متعلّق وجوب الموافقة الالتزاميّة نفس متعلّق وجوب الموافقة العمليّة ، ومعلوم أنّ متعلّق وجوب الموافقة العمليّة ليس إلّا الحكم بعنوانه الخاصّ من الإيجاب أو التحريم ، فمتعلّق وجوب الموافقة الالتزاميّة ليس إلّا ذلك ، لا الحكم الواقعيّ على ما هو عليه. غاية الأمر أنّه تصل النوبة إلى الموافقة الاحتماليّة بعد تعذّر الموافقة الالتزاميّة القطعيّة ، كما هو كذلك مع تعذّر الموافقة العمليّة القطعيّة ، والموافقة الالتزاميّة الاحتماليّة انّما تحصل بالالتزام التفصيليّ بخصوص الوجوب أو الحرمة ، لا الالتزام الإجماليّ بالواقع على ما هو عليه.
وتوضيح الجواب : أنّ الالتزام التفصيليّ بأحدهما المعيّن مع فرض عدم العلم به تشريع محرّم. مضافا إلى أنّه لو سلّم عدم كونه تشريعا لم يقم دليل على وجوب هذا الالتزام التفصيليّ.
(٢) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «من جهة التخيير بين الطلبين المتزاحمين» ، أو يقول : «من قبيل التخيير بين الواجبين المتزاحمين».
(٣) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «وعلى تقدير كونها حجّة ...» ، أو يقول : «على تقدير أنّه ...» كي يرجع الضمير إلى كون الأخبار حجّة.