موجبا لتعلّق الأمر به شرعا ، بداهة توقّفه على ثبوته (١) توقّف العارض على معروضه ، فكيف يعقل أن يكون من مبادئ ثبوته؟!
وانقدح بذلك (٢) أنّه لا يكاد يجدي في رفعه أيضا القول بتعلّق الأمر به من جهة ترتّب الثواب عليه (٣) ، ضرورة أنّه فرع إمكانه ، فكيف يكون من مبادئ جريانه؟! هذا.
مع أنّ حسن الاحتياط لا يكون بكاشف عن تعلّق الأمر به بنحو اللمّ ، ولا ترتّب الثواب عليه بكاشف عنه بنحو الإنّ ، بل يكون حاله في ذلك حال
__________________
ـ نفسه إلّا أنّ لازمه خروج الشيء عن كونه احتياطا ، لأنّ موضوعه محتمل الوجوب حتّى ينحفظ عليه ؛ وبعد فرض تعلّق الأمر بذات الفعل بقصد هذا الأمر كان تحقيقا للعبادة الواقعيّة المعلومة المنافية لعنوان الاحتياط ، وهو خلف. وإن تعلّق الأمر بالاحتياط بعنوانه المأخوذ فيه قصد شخص الأمر فهو خلف من وجه آخر ، لأنّ معناه جعل الاحتياط عبادة ، لا جعل الاحتياط في العبادة ، والكلام في الثاني دون الأوّل». نهاية الدراية ٢ : ٥١٨ ـ ٥٢٢.
(١) أي : توقّف الأمر بالاحتياط على ثبوت الاحتياط.
(٢) أي : بما مرّ في المناقشة على الجواب الأوّل.
(٣) وهذا هو الجواب الثاني من الأجوبة الّتي ذكروها للجواب عن الإشكال المتقدّم. وحاصله : أنّ ترتّب الثواب على الاحتياط يكشف ـ بنحو الإنّ ـ عن تعلّق الأمر به ، لأنّ ثبوت الثواب معلول ثبوت الأمر ، فيحرز به تعلّق الأمر الشرعيّ بالاحتياط.
وناقش فيه المصنّف قدسسره أيضا بالوجهين السابقين :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله : «ضرورة أنّه فرع إمكانه ...». وحاصله : أنّ ترتّب الثواب على الاحتياط فرع إمكان الاحتياط ، وقد مرّ عدم إمكانه لمحذور الدور ، فلا يمكن استكشاف تعلّق الأمر بالاحتياط من ترتّب الثواب عليه.
ثانيهما : ما أشار إليه بقوله الآتي : «ولا ترتّب الثواب عليه بكاشف بنحو الإنّ ...».
وحاصله : أنّ ترتّب الثواب على الاحتياط لا يستلزم الأمر المولويّ به ، فإنّ حال الاحتياط في ترتّب الثواب عليه حال الإطاعة فيه ، فكما أنّ الطاعة الحقيقيّة حسنة عقلا ويترتّب عليها الثواب بمجرّد كونها في نفسها انقيادا من دون تعلّق الأمر المولويّ به فكذلك الاحتياط ، فلا يكشف تعلّق الأمر الشرعيّ من ترتّب الثواب عليه.
ولا يخفى : أنّ ما أفاده المحقّق الأصفهانيّ إيرادا على الوجهين جار في المقام أيضا.