فيها (١) ، وهو كما ترى.
[الجواب الصحيح عن الإشكال المذكور]
قلت : لا يخفى أنّ منشأ الإشكال هو تخيّل كون القربة المعتبرة في العبادة مثل سائر الشروط المعتبرة فيها ممّا يتعلّق بها الأمر المتعلّق بها ، فيشكل جريانه حينئذ ، لعدم التمكّن من جميع ما اعتبر فيها (٢) ، وقد عرفت (٣) أنّه فاسد (٤) ، وإنّما اعتبر قصد القربة فيها عقلا لأجل أنّ الغرض منها لا يكاد يحصل بدونه ، وعليه كان جريان الاحتياط فيه بمكان من الإمكان ، ضرورة التمكّن من الإتيان بما احتمل وجوبه بتمامه وكماله ؛ غاية الأمر أنّه لا بدّ أن يؤتى به على نحو لو كان مأمورا به لكان مقرّبا ، بأن يؤتى به بداعي احتمال الأمر أو احتمال كونه محبوبا له تعالى ، فيقع حينئذ على تقدير الأمر به امتثالا لأمره تعالى ، وعلى تقدير عدمه انقيادا لجنابه تبارك وتعالى ، ويستحقّ الثواب على كلّ حال إمّا على الطاعة أو
__________________
(١) أي : والتزام بعدم جريان الاحتياط في العبادة.
(٢) وفي بعض النسخ : «لعدم التمكّن من قصد القربة المعتبر فيها».
(٣) راجع الجزء الأوّل : ١٣٩ ـ ١٤٠.
(٤) هذا. مع أنّه لو اغمض عن فساده لما كان في الاحتياط في العبادات إشكال غير الإشكال فيها. فكما يلتزم في دفعه بتعدّد الأمر فيها ليتعلّق أحدهما بنفس الفعل والآخر بإتيانه بداعي أمره كذلك فيما احتمل وجوبه منها كان على هذا احتمال أمرين كذلك ، أي أحدهما كان متعلّقا بنفسه والآخر بإتيانه بداعي ذاك الأمر ، فيتمكّن من الاحتياط فيها بإتيان ما احتمل وجوبه بداعي رجاء أمره واحتماله ، فيقع عبادة وإطاعة لو كان واجبا ، وانقيادا لو لم يكن كذلك. نعم ، كان بين الاحتياط هاهنا وفي التوصّليّات فرق ، وهو أنّ المأتيّ به فيها قطعا كان موافقا لما احتمل وجوبه مطلقا ، بخلافه هاهنا ، فإنّه لا يوافق إلّا على تقدير وجوبه واقعا ، لما عرفت من عدم كونه عبادة إلّا على هذا التقدير ، ولكنّه ليس بفارق ، لكونه عبادة على تقدير الحاجة إليه وكونه واجبا. ودعوى عدم كفاية الإتيان برجاء الأمر في صيرورته عبادة أصلا ولو على هذا التقدير مجازفة ، ضرورة استقلال العقل بكونه امتثالا لأمره على نحو العبادة لو كان ، وهو الحاكم في باب الإطاعة والعصيان ، فتأمّل جيّدا. منه [أعلى الله مقامه].