وفيه : أيضا أنّه غير واف بدفع إشكال ترتّب المثوبة عليها.
وأمّا ما ربّما قيل (١) في تصحيح اعتبار قصد الإطاعة في العبادات ـ من الالتزام بأمرين : أحدهما كان متعلّقا بذات العمل ، والثاني بإتيانه بداعي امتثال الأوّل ـ فلا يكاد (٢) يجدي في تصحيح اعتباره (٣) في الطهارات ، إذ لو لم تكن بنفسها مقدّمة لغاياتها لا يكاد يتعلّق بها أمر من قبل الأمر بالغايات. فمن أين يجيء طلب آخر من سنخ الطلب الغيريّ متعلّق بذاتها ليتمكّن به من المقدّمة في الخارج؟ هذا مع أنّ في هذا الالتزام ما في تصحيح اعتبار قصد الطاعة في العبادة على ما عرفته مفصّلا سابقا (٤) ، فتذكّر (٥).
__________________
ـ وقال المحقّق الاصفهانيّ في هامش تعليقته على المقام ـ بعد ما ادّعى أنّ هذا الوجه هو الجواب الثاني من الجوابين الّذين ذكرهما العلّامة الأنصاريّ في كتاب الطهارة بأدنى تغيير ـ : «لا يخفى عليك : أنّ الإشكال المذكور في كتاب الطهارة ليس في مقرّبيّة الأمر الغيريّ وترتّب الثواب على موافقته ، بل في صيرورة المقدّمة تعبّديّة بالأمر بها ، للزوم الدور. فالجواب عنه بتعبّديّتها في ذاتها أو لزوم إتيانها بداعى الأمر بدليل آخر أو بأمر آخر جواب مطابق للإشكال». نهاية الدراية ١ : ٣٨٧.
(١) والقائل هو المحقّق الرشتيّ في بدائع الأفكار : ٣٣٥. فإنّه ذكر هذا الوجه توضيحا للوجه الثاني الّذي ذكره الشيخ في كتاب الطهارة زعما أنّه نفس الوجه المذكور في كتاب الطهارة ، لكنّك عرفت أنّ الشيخ لم يلتزم بوجود أمرين ـ أحدهما يتعلّق بذات العمل ، وثانيهما بالعمل بقصد الأمر الأوّل ـ ، بل صرّح بأنّ الأمر بذات العمل مغن عن أمر آخر ، وإليك نصّ عبارته : «وإذا أراد الشارع الصلاة المتوقّفة على تلك المقدّمة الموقوفة مقدّميّتها على الأمر وجب الأمر به مع نصب الدلالة على وجوب الإتيان به على وجه العبادة ، فهذا الأمر محقّق لمقدّميّته مغن عن أمر آخر بعد صيرورته مقدّمة». كتاب الطهارة ٢ : ٥٥ ـ ٥٦.
(٢) وفي النسخ : «لا يكاد» ، والصحيح ما أثبتناه.
(٣) وفي النسخ : «اعتبارها». والصحيح ما أثبتناه ، فإنّ الضمير يرجع إلى قصد الإطاعة.
(٤) في مبحث التوصّليّ والتعبّديّ : ١٤٠ ، حيث قال : «وتوهّم امكان تعلّق الأمر ...».
(٥) إلى هنا ذكر المصنّف أربعة وجوه في التفصّي عن إشكالات الطهارات الثلاث. أحدها : ما أفاد من أنّها مستحبّة في أنفسها. وثانيها : ما أشار إليه بقوله : «أحدهما». وثالثها : ما ذكره ذيل قوله : «ثانيهما». ورابعها : ما أشار إليه بقوله : «وأمّا ما ربّما قيل ...». ولم يرتض إلّا بالوجه الأوّل.
وقد تفصّى عنه المحقّق النائينيّ بأنّ الأمر النفسيّ المتعلّق بذي المقدّمة ينحلّ إلى ـ