ومن هنا انقدح أنّه في الحقيقة إنّما أنكر الواجب المشروط بالمعنى الّذي يكون هو ظاهر المشهور والقواعد العربيّة ، لا الواجب المعلّق بالتفسير المذكور. وحيث قد عرفت بما لا مزيد عليه إمكان رجوع الشرط إلى الهيئة ، كما هو ظاهر المشهور وظاهر القواعد ، فلا يكون مجال لإنكاره عليه (١).
نعم ، يمكن أن يقال : إنّه لا وقع لهذا التقسيم ، لأنّه بكلا قسميه من المطلق المقابل للمشروط ، وخصوصيّة كونه حاليّا أو استقباليّا لا توجبه ما لم توجب الاختلاف في المهمّ (٢) ، وإلّا لكثر (٣) تقسيماته لكثرة الخصوصيّات ، ولا اختلاف فيه ، فإنّ ما رتّبه عليه من وجوب المقدّمة فعلا ـ كما يأتي ـ إنّما هو من أثر إطلاق وجوبه وحاليّته ، لا من استقباليّة الواجب (٤) ، فافهم (٥).
[إشكال المحقّق النهاونديّ على الواجب المطلق ، وجوابه]
ثمّ إنّه ربما حكي عن بعض أهل النظر من أهل العصر (٦) إشكال في الواجب المعلّق(٧) ، وهو : أنّ الطلب والإيجاب إنّما يكون بإزاء الإرادة المحرّكة للعضلات
__________________
(١) فالشيخ لم ينكر واقع الواجب المطلق الّذي فرضه صاحب الفصول ، بل إنّما أنكر تسميته بالمعلّق وأطلق عليه المشروط.
(٢) وهو وجوب المقدّمة.
(٣) هكذا في النسخ : «لكثر». والصحيح أن يقول : «لكثرت».
(٤) والحاصل : أنّ هذا التقسيم لا يترتّب عليه الثمرة. وبذلك صرّح السيّد الإمام الخمينيّ في مناهج الوصول ١ : ٣٥٨.
(٥) لعلّه إشارة إلى ما ذكره المحقّق الاصفهانيّ ايرادا على نفى الثمرة ، فقال : «لا يخفى عليك : أنّ انفكاك زمان الوجوب عن زمان الواجب هو المصحّح لوجوب المقدّمة قبل زمان ذيها ، لا مجرّد فعليّة الوجوب ولو مع اتّحاد زمانه وزمان الواجب. فيصحّ تقسيم الواجب إلى ما يتّحد زمانه مع زمان وجوبه فلا تكون مقدّمته واجبة قبل زمانه ، وإلى ما يتأخّر زمانه عن زمان وجوبه فيمكن وجوب مقدّمته قبله». نهاية الدراية ١ : ٣٤٤.
(٦) وهو المحقّق النهاونديّ في تشريح الاصول : ١٩١.
(٧) حاصله : أنّ الإرادة التشريعيّة لا يمكن أن تتعلّق بأمر متأخّر ، كما أنّ الإرادة التكوينيّة لا يمكن أن تتعلّق به ، إذ لا فرق بين الإرادتين في الخصوصيّات والآثار ، غير أنّ الاولى تتعلّق بفعل الغير ، والثانية تتعلّق بفعل نفس الشخص المريد. فكما أنّ الإرادة التكوينيّة لا تنفكّ عن ـ