الحلّيّة ، يجزئ ، فإنّ دليله (١) يكون حاكما على دليل الاشتراط ، ومبيّنا لدائرة الشرط ، وأنّه أعمّ من الطهارة الواقعيّة والظاهريّة ، فانكشاف الخلاف فيه لا يكون موجبا لانكشاف فقدان العمل لشرطه ، بل بالنسبة إليه يكون من قبيل ارتفاعه من حين ارتفاع الجهل (٢).
وهذا بخلاف ما كان منها بلسان أنّه ما هو الشرط واقعا ـ كما هو لسان الأمارات ـ ، فلا يجزئ ، فإنّ دليل حجّيّته حيث كان بلسان أنّه واجد لما هو شرطه الواقعيّ ، فبارتفاع الجهل ينكشف أنّه لم يكن كذلك ، بل كان لشرطه فاقدا.
هذا (٣) على ما هو الأظهر الأقوى في الطرق والأمارات من أنّ حجّيّتها ليست بنحو السببيّة.
__________________
(١) أي : دليل الأمر الظاهريّ الّذي كان بهذا النحو. والأنسب ـ بلحاظ قوله : «وأنّه أعمّ من الطهارة الواقعيّة والظاهريّة» ـ تأنيث الضمير وإرجاعها إلى قاعدة الطهارة.
(٢) توضيحه : أنّ أدلّة اشتراط الطهارة تتكفّل إثبات الشرطيّة للطهارة ودخلها في العمل المشترط بها ، ودليل قاعدة الطهارة «كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» يتكفّل لتوسعة صدق موضوع الشرطيّة المأخوذ في دليل الاشتراط ويبيّن أنّ الطهارة الظاهريّة أحد أفراد الموضوع المأخوذ في دليل الاشتراط ، فيكون المأتي به مع الطهارة الظاهريّة واجدا لشرط الطهارة واقعا في ظرف الشكّ ومجزيا عن الواقع لإتيانه بالمأمور به بشرطه ، فإذا زال الشكّ وعلم بالنجاسة وزالت الطهارة الظاهريّة لم ينكشف فقدان العمل لشرطه ، لأنّه واجد للشرط واقعا وهو الطهارة الظاهريّة ، بل انّما يكون من باب تبدّل الموضوع وارتفاع الشرط بارتفاع موضوعه من حيث زوال الشكّ.
وبالجملة : فدليل قاعدة الطهارة ـ وهي قوله عليهالسلام : «كلّ شيء طاهر ...» ـ حاكم على أدلّة الاشتراط ـ أعني قوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بطهور» ونحوه ـ ، لأنّه يوجب التوسعة في موضوعها.
ولا يخفى : أنّ الحكومة المدّعاة لا تختصّ بقاعدة الطهارة ، بل دليل قاعدة الحلّيّة أيضا حاكم عليها كما أنّ استصحابيهما أيضا حاكم عليها.
ثمّ أورد المحقّق النائينيّ على دعوى الحكومة بوجوه من النقض والحلّ. وتعرّض لها السيّد الإمام الخمينيّ ثمّ ناقش فيها. فراجع فوائد الاصول ١ : ٢٤٩ ـ ٢٥١ ، ومناهج الوصول ١ : ٣١٨ ـ ٣١٩.
(٣) أي : عدم الإجزاء في الأمارات.