ويمكن الذبّ عن الإشكال (١) : بأنّه إنّما يلزم إذا لم تكن القضيّة طبيعيّة والحكم فيها بلحاظ طبيعة الأثر ، بل بلحاظ أفراده ، وإلّا فالحكم بوجوب التصديق يسري إليه سراية حكم الطبيعة إلى أفراده (٢) ، بلا محذور لزوم اتّحاد الحكم والموضوع (٣).
__________________
ـ وأمّا خبر المفيد : فيجب تصديقه ، لأنّ المفروض أنّ المولى أنشأ الحكم بوجوب تصديقه ثالثا ، فقال : «صدّق العادل الحاكي عن الحاكي عن خبر من روى قول المعصوم عليهالسلام» ، فحينئذ يكون الحكم هو وجوب تصديق العادل المستفاد من إنشائه ثالثا ، والموضوع وجوب التصديق الّذي جعله المولى ثانيا ، فلا يلزم اتّحاد الموضوع والحكم حقيقة.
وأمّا خبر الشيخ : فيجب تصديقه أيضا ، لأنّ المولى أنشأ الحكم بوجوب تصديقه رابعا وقال : «صدّق العادل الّذي يحكي عمّن يحكي عن الحاكي عن خبر من روى قول المعصوم عليهالسلام» ، فيكون الحكم وجوب التصديق المنشأ رابعا ، وموضوعه وجوب التصديق الذي أنشئ ثالثا ، فلا يلزم محذور اتّحاد الحكم والموضوع حقيقة.
نعم ، يلزم اتّحاد الحكم والموضوع نوعا ، وهو غير قادح.
(١) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «ويمكن ذبّ الإشكال» أو أن يقول : «ويمكن دفع الإشكال». وذلك لأنّ «الذبّ» في اللغة هو الدفع والمنع ، والذبّ عن الشيء هو المحافظة عن الشيء دون الدفع عنه. راجع لسان العرب ١ : ٣٨٠ و ٣٨٥ ، الصحاح ١ : ١٢٦.
(٢) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «أفرادها» ، فإنّ الضمير يرجع إلى الطبيعة.
(٣) هذا هو الوجه الأوّل من وجوه الجواب عن الإشكال الثاني. وحاصله : أنّ القضيّة فيما نحن فيه قضيّة طبيعيّة ، وإنّما يلزم المحذور إذا كانت قضيّة خارجيّة.
وتوضيحه : أنّ في قضيّة «تصديق العادل واجب» المستفادة من مثل آية النبأ وجهين :
أحدهما : أن تكون قضيّة خارجيّة يترتّب الحكم فيها على خصوص أفراد الموضوع الموجودة في الخارج فعلا. وعليه يلزم محذور اتّحاد الموضوع والحكم ، إذ حينئذ يكون شخص وجوب التصديق ـ المستفاد من مثل الآية ـ فردا من أفراد وجوب التصديق ، فيكون موضوعا وأثرا لوجوب التصديق المستفاد من مثل الآية ، فيلزم اتّحاد الموضوع والحكم.
ثانيهما : أن تكون قضيّة طبيعيّة يترتّب الحكم فيها على طبيعة الموضوع والأثر ، فيكون الملحوظ موضوعا لوجوب التصديق المستفاد من مثل الآية هو طبيعيّ وجوب تصديق العادل ، وهو متقدّم رتبة على وجوب التصديق الملحوظ حكما المدلول عليه بالآيات الشريفة ، لأنّ هذا الوجوب فرد من أفراد طبيعيّ وجوب تصديق العادل ، فلا يتّحد الموضوع والحكم. غاية الأمر أنّه إذا صار الطبيعيّ موضوعا لحكم وجوب التصديق ـ المستفاد ـ