أنّه (١) من جهة مفهوم الشرط ، وأنّ تعليق الحكم بإيجاب التبيّن عن
النبأ الّذي جيء به على كون الجائي به الفاسق يقتضي انتفاءه عند انتفائه (٢).
ولا
يخفى : أنّه على هذا
التقرير لا يرد أنّ الشرط في القضيّة لبيان تحقّق الموضوع ، فلا مفهوم له ، أو
مفهومه السالبة بانتفاء الموضوع ، فافهم (٣).
__________________
ـ وإمّا أن يردّ.
ولا سبيل إلى الثاني ، لأنّه مستلزم لأن يكون خبر العادل أسوأ حالا من الفاسق ،
وهو ممنوع ، فيتعيّن الأوّل ، وهو المطلوب.
وقد اورد على هذا الاستدلال من وجوه :
منها :
أنّ القضيّة الوصفيّة ليست ذات مفهوم. وهذا ما ذكره الشيخ الأعظم في فرائد الاصول
١ : ٢٥٦. وتابعة المحقّقان النائينيّ والخمينيّ ، فراجع فوائد الاصول ٣ : ١٦٦ ـ ١٦٧
، وأنوار الهداية ١ : ٢٨٨.
ولعلّه لم يذكره المصنّف في المقام ،
فإنّه أيضا ذهب إلى عدم ثبوت المفهوم للوصف.
(١) أي : الاستدلال.
(٢) أي : انتفاء وجوب
التبيّن عند انتفاء شرطه ، وهو مجيء الفاسق بالنبإ.
(٣) هذا أحد
الإيرادين اللّذين ذكرهما الشيخ الأعظم الأنصاريّ وادّعى عدم إمكان دفعهما.
وحاصله : أنّ المفهوم في المقام من باب
السالبة بانتفاء الموضوع. وذلك لأنّ الشرط مجيء الفاسق بالنبإ ، ومعلوم أنّ عدم
وجوب التبيّن عند عدم مجيء الفاسق بالنبإ من باب عدم ما يتبيّن ، حيث لا خبر كي
يتبيّن فيه ، فيكون الشرط في المقام مسوقا لبيان تحقّق الموضوع ، فلا تدلّ الآية
على المفهوم ، لأنّ الموضوع فيها خصوص نبأ الفاسق ، وهو منتف بانتفاء مجيء الفاسق.
وعليه لا تدلّ الآية على عدم وجوب التبيّن عند مجيء خبر العادل ، إذ عدم وجوب
التبيّن عند مجيء خبر العادل ليس مفهوما لوجوب التبيّن عند مجيء خبر الفاسق ، لأنّ
المفروض انتفاء نبأ الفاسق ـ وهو الموضوع في المنطوق ـ عند مجيء خبر العادل ، وإذا
انتفى الموضوع ينتفي الحكم من باب السالبة بانتفاء الموضوع. فرائد الاصول ١ : ٢٥٧
ـ ٢٥٨.
ودفعه المصنّف رحمهالله
بما حاصله : أنّه إذا فرضنا أنّ موضوع الحكم بوجوب التبيّن هو النبأ وأنّ الشرط
جهة إضافة النبأ إلى الفاسق لا يكون الشرط مقوّما للموضوع ، إذ النبأ كما يضاف إلى
الفاسق يضاف إلى غيره. وحينئذ يمكن وجود الموضوع ـ وهو النبأ ـ مع انتفاء الشرط ـ وهو
مجيء الفاسق به ـ ، فتكون الآية ذات مفهوم ، لإمكان فرض وجود المشروط بدون الشرط.
ودفعه المحقّق العراقيّ ببيان آخر. توضيحه
ـ على ما أفاد السيّد المحقّق الخوئيّ تبعا له ـ : أنّ الشرط قد يكون أمرا واحدا ،
وقد يكون مركّبا من أمرين. فعلى الأوّل إن كان الأمر المذكور ممّا يتوقّف عليه
الجزاء عقلا فلا مفهوم للقضيّة ، وإلّا فتدلّ على المفهوم. وعلى ـ