وكذا إذا لم يكن متضمّنا له (١) ، بل كان ممحّضا لنقل السبب عن حسّ ، إلّا أنّه كان سببا بنظر المنقول إليه أيضا عقلا أو عادة أو اتّفاقا ، فيعامل حينئذ مع المنقول معاملة المحصّل في الالتزام بمسبّبه بأحكامه وآثاره.
وأمّا إذا كان نقله للمسبّب لا عن حسّ ، بل بملازمة ثابتة عند الناقل بوجه ، دون المنقول إليه (٢) ، ففيه إشكال ، أظهره عدم نهوض تلك الأدلّة (٣) على حجّيّته ، إذ المتيقّن من بناء العقلاء غير ذلك (٤) ؛ كما أنّ المنصرف من الآيات والروايات ـ على تقدير دلالتهما ـ ذلك ، خصوصا فيما إذا رأى المنقول إليه خطأ الناقل في اعتقاد الملازمة. هذا فيما انكشف الحال.
وأمّا فيما اشتبه (٥) ، فلا يبعد أن يقال بالاعتبار ، فإنّ عمدة أدلّة حجّيّة الأخبار هو بناء العقلاء ، وهم كما يعملون بخبر الثقة إذا علم أنّه عن حسّ ، يعملون به فيما يحتمل كونه عن حدس ، حيث إنّه ليس بناؤهم إذا أخبروا بشيء على التوقّف والتفتيش عن أنّه عن حدس أو حسّ ، بل على العمل على طبقه والجري على وفقه بدون ذلك.
نعم ، لا يبعد أن يكون بناؤهم على ذلك (٦) فيما لا يكون هناك أمارة على الحدس أو اعتقاد الملازمة فيما لا يرون هناك ملازمة. هذا.
لكنّ الإجماعات المنقولة في ألسنة الأصحاب غالبا مبنيّة على حدس الناقل أو
__________________
(١) أي : لنقل السبب والمسبّب عن حسّ.
(٢) والحاصل : أنّه إذا كان نقل الناقل للمسبّب لا عن حسّ ، بل كان بملازمة ثابتة عند الناقل ـ بأن ينقل السبب عن حسّ ويكون نقله المسبّب للملازمة بين اتّفاق العلماء وبين المسبّب عادة ، أو للملازمة الثابتة عند الناقل اتّفاقا ـ لكن لم يكن هذا السبب الّذي نقله الناقل عن حسّ سببا عند المنقول إليه ، فيكون مسبّبه مسبّبا عن حدس ، ففيه إشكال.
(٣) أي : أدلّة حجّيّة الخبر.
(٤) أي : غير النقل عن حدس.
(٥) أي : اشتبه عليه أنّ نقل المسبّب هل يكون عن حسّ أو يكون عن حدس.
(٦) أي : على العمل بدون التفتيش.